عيد دخول السيد المسيح إلى الهيكل (2 شباط)
عيد دخول السيد المسيح إلى الهيكل، هو أحد الأعياد السيدية الصغرى التي قد تمر على الكثيرين من المؤمنين، دون أن يشتركوا في أفراحها الروحية أو ينالوا شيئا من بركاتها الإلهية.
ولذلك فما أجمل هذه المناسبة المباركة للمؤمنين في الطبعات الأولى للكتاب ليتلوها المؤمنون فيتأملون بركات هذا العيد المجيد المتنوعة والشخصيات المقدسة المتعددة التي اشتركت فيه ومنها والدة الإله القديسة مريم وخطيبها يوسف النجار البار و سمعان الشيخ و حنه النبية وغيرهم.
حقاً إن تقديم السيد المسيح إلى الهيكل كأحد الأبكار القديسين كان فرصة ليكمل الرب عنا كل مطالب الناموس، كما كان فرصة لإعلان فرح سمعان الشيخ، ذلك الرجل الوقور المتقدم الأيام إذ رأى بعينيه تحقيق نبوة إشعياء النبي بولادة المسيح من عذراء، وهي تلك النبوة التي وقف أمامها مندهشاً حائراً عندما ترجمها من العبرية إلى اليونانية فكان أن وعده الرب أنه لن يعاين الموت حتى يرى تحقيقها! فرأى وفرح وتنبأ.
كما شاركته الفرح والتسبيح حنه النبية التي عاشت في الهيكل عابدة الرب أكثر من ثمانين سنة. وهكذا تتهلل نفوسنا معهم في هذه المناسبة المباركة فنشترك معهم في الفرح والتسبيح قائلين مع المرنم: “عظم الرب العمل معنا وصرنا فرحين” (مز 126: 3).
أعاد الرب تذكار هذا العيد المجيد على الكنيسة كلها بالخير والبركة والسلام.
الاحتفال الكنسي بالعيد:
تحتفل الكنيسة في اليوم الثاني من شباط بتذكار دخول السيد المسيح إلى الهيكل و نياحة سمعان الشيخ.
وهذا اليوم هو المرة الأولى التي دخل فيها السيد المسيح إلى الهيكل، فبعد ختانه في اليوم الثامن من بعد ثلاثة وثلاثين يوماً حسب شريعة موسى، أي بعد أربعين يوماً من ولادته، صعد يوسف البار ومريم العذراء إلى أورشليم وقدماه إلى الهيكل، حيث كان ينتظره الشيخان المباركان اللذان ظلا ينتظران لأكثر من قرن من الزمان بشيخوخة مباركة “ولما دخل بالطفل يسوع أبواه ليصنعا عنه كما يجب في الناموس حمله سمعان الكاهن على يديه”.
وعوضاً عن أن يباركه مثل بقية الأطفال انحنى له ليتبارك منه “لأن الأصغر يبارك من الأكبر” (عب 7: 7).
وسأله أن يحله من رباط الجسد، فرقد بشيخوخته المباركة.
و تحيا الكنيسة هذه الحادثة المباركة في أكثر من مناسبة ففي دورة الحمل في القداس الإلهي يلف الكاهن الحمل في لفائف من كتان ويرفعه فوق رأسه مع الصليب ويدور حول المذبح دورة واحدة كأنه يشارك سمعان الشيخ حمل المسيح والدوران به مسبحاً وممجداً. وكذلك في كل دورة حول المذبح وقبل أن يقرأ الإنجيل، كما تذكر الكنيسة هذه الحادثة في إنجيل صلاة النوم وكأنها تحث أولادها أن يحملوا المسيح في قلوبهم في نهاية اليوم مرنمين مع سمعان الشيخ: “أطلق يا سيدي عبدك بسلام”.
كما تذكر الكنيسة حادثة دخول المسيح إلى الهيكل في صلاة سر المعمودية والتسبحة والتماجيد.
عناصر تشكُّل العيد:
1- تطهير مريم لوضعها مولوداً ذكراً.
2- تقديم المولود الجديد للرَّب.
3- لقاء سمعان وحنَّة النبيين.
+ تطهير مريم لوضعها مولوداً ذكراً:
تطهير مريم هو واجبٌ اقتضتهُ الشريعةُ اليهودية، كون أن مريم هي يهوديَّة الديانة.
والكلام على طهر المرأة إثر الوضع ورَدَ في سفر اللاويين (2:12- 8)، “أيَّة امرأة حبلت فولدت ذكراً تكون نجسة سبعة أيام، كأيام طمثها تكون أيام نجاستها، وفي اليوم الثامن تختن قلفة المولود، وثلاثة وثلاثين يوماً تظلّ في تطهير دمها لا تمسُّ شيئاً من الأقداس ولا تدخل المقدس حتَّى تتم أيامُ طُهرها….”.
وتأتي المرأة عند اكتمال أيامها إلى باب خيمة الموعد، إلى الكاهن بحَمَلٍ حولي في سنته الأولى، وكذا بفرخ حمام أو يمام.
أما الحَمَلُ فللمِحرقة وأما فرخ الحمام أو اليمام فلذبيحة الخطيئة.
“فيقربهما الكاهن أمام الرب ويكفرّ عن المرأة فتطهر من سيلان دمها”.
فإذا حدث أن كانت المرأة فقيرة ولم يكن في يدها ثمن الحمل، “فلتأخذ زَوجي يمام أو فرخي حمام، أحدهما محرقة والآخر ذبيحة خطيئة، فيكفرّ عنها الكاهن فتطهُر”.
+ تقديم المولود الجديد للرَّب:
تقديم الوالدين بكرهما من الذكور للرَّب كان واجباً شرعياً.
“كُلُّ فاتحِ رحمٍ من كل جسد، من البشر. البهائم، يقدِّمونهُ للرَّب…” (العدد18: 15).
+ لقاء سمعان وحنَّة النبيين:
عند الحديث عن سمعان وحنَّة، لا بدَّ لنا إلاَّ أن نَصِفَهُم بأنهما نبيَّين وذلك لأنهما تنبأ كلاماً نبويَّاً فذَّاً، وكانا شاهدين للرَّب يسوع بالرُّوح. بالرُّغم من أن موهبة النبوءة كفَّت في إسرائيل منذ زمن أنبياء العهد القديم وأنها لا تعود إلاَّ متى حلَّ زمن مجيء المسيح.
والآن وقد أضحى المسيح فيما بيننا بشخص الرَّب يسوع المسيح، فنبوءة سمعان وحنَّة تبدو شهادة لهُ أنهُ هو المنتظر.
سمعان وحنَّة عيِّنة من تلك الفئة المدعوة “المنتظرين فداءً في أورشليم”. الذين يعبدون بأصوام وطلبات ولا يفارقون الهيكل.
هكذا بهذه العناصر الثلاثة تكتمل صورة عيد دخول السيد إلى الهيكل، بكل معانيها التي تُظهر أن هذا الطفل المولود هو ابن الله المنتظر الذي سيُقدَّم فديةً وذبيحةً عن البشر للرَّب الإله وبه سيشرق النور لكلّ الجنس البشري.
كذلك به تكتمل الشريعة القديمة، وتسمو بحلَّة جديدة تظهر كاملةً في الرَّب يسوع المتجسّد .