البروة بلد الشاعر محمود درويش والعيش المشترك حتى 1948
الكاتب : الأب رائد أبو ساحلية والدكتور شكري عرّاف
لماذا تركتَ الحِصانَ وحيداً؟/ لكي يُؤنِسَ البيتَ يا ولدي/ لأنَّ البيوتَ تموتُ إذا غابَ سُكَّانُها..! تذكرت هذه الكلمات وأنا أزور من جديد البروة ومدرستها وخاصة اللوح الذي ما زال على الحائط ومكتوب عليه بالطباشير "لماذا تركت الحصان وحيداً؟ وعندما وصلت الى مقبرتها وقبورها المتناثرة ومقام الكيالي وحجارته المهدمة.. وعندما تجولت في ربوع زيتونها العتيق المنتشر في كل الجهات وأنا أسمع صدى صوت درويش "لو عرف الزيتون غارسه لصار الزيت دمعا" وأنا أضيف وأعيد وأردد "لصار الزيت دماً"..!

ولمزيد من التفاصيل عن البروة نستعين بصديقنا المؤرخ الدكتور شكري عرّاف من كتابة "رقاد وقيام القرى والمدن الفلسطينية."
البروة: (1671.2567).
تَبعُد البروة حوالي 12 كم إلى الشرق من عكا، وترتفع حوالي 60 كم عن سطح البحر. يعني اسمها "الرابية"، ويُظن أن اسمها نُحت من كلمة "بيرة" السريانية، التي تعني الآبار، وهي على طريق الشاغور (عكا- صفد).
إلى الغرب من البروة البئر الغربية وهي نبعٌ اعتمد السكان المجاورون لها على مياهها، أما سكان المنطقة الشرقية والجنوبية فقد اعتمدوا على مياه بئر المغيّر الواقعة في أراضي شعب.
لعلها تقوم على بقعة قرية رومانية اسمها "بيري- Biri " وقد أطلق عليها الصليبيون اسم "برويت- Broet".
إستعادها البيزنطيون من الفرس عام 628م، وانتقموا من حلفائهم اليهود فخرّبوا مُدنهم وقراهم، بقيت البروة خرابًا إلى الفتح الإسلامي.
وفي عام 1047م زارها ناصر خسرو وقال: "بروة قرية قرب عكا فيها قبرا عيس وشمعون".
في عام 1596 كانت تابعة لناحية عكا من لواء صفد، وهذا في بداية الفترة العثمانية.
وفي 28 أيار 1737 زارها بوكوك وقال إنها إلى الشرق من الطريق الساحلي عند التلال الشرقية لسهل عكا، وأنها اوّل قرية تحت حكم الشيعة.
سكنها 900 نسمة حسب روجرز عام 1859 وحوالي 800 نسمة حسب چيرين عام 1880، وقدّرت بعثة دراسة فلسطين سكانها بـِ 900 نسمة يفلحون 50 فدانًا.
سكنت الحمائل التالية هذه القرية: بولس، حوّا، خوري، رضوان، زايد، درويش، ذيب، سَكَس، شامي، عطالله، عيشان، كيال، ميعاري، هواش وواكد.
قدمت عائلة الكيال من حلب، وفي عام 1901 كان منهم وزير الخزانة هناك. الحمولة كبيرة جدًا في سوريا قدم قسمٌ منهم إلى البروة قبل حوالي 200 سنة، وكان جدهم محمد الكيال صاحب طريقة، أُعطيت لهم الأرض بسبب ذلك أحيى الذكر كل ليلة جمعة، وقد دفنوا حول مقامه هناك.
أما المخاتير فكانوا: شفيق درويش، جبر رضوان والخوري رزو؟؟، أما آخرهم فكان محمد صالح كيال الذي استمر في مخترته حتى بعد عام النكبة، وانتقال قسم من البراونة إلى جولس، ثم جديدة والمكر.
كان في البروة مسجد مساحته 430 م2 له أوقاف مساحتها دونم واحد، وهو مهدّم اليوم. وكان فيها كنيسة كُرّست للنبي الياس، وكانت مساحتها حوالي 110م2، لها ساحة مساحتها حوالي 200م2، وقد أوقفوا عليها دونمين مغروسين بالزيتون في موقع المجاوبة. وفي البروة مقام محمد الكيّالي.
وللبروة خمس مقابر: أربع مقابر إسلامية منها، المقبرة العمومية، مساحتها 5625م2، والمقبرة الجنوبية التي كانت مساحتها 2437م2، ومساحة المقبرة الثالثة 137م2 وكانت لعائلة درويش، أما المقبرة الربعة فهي الكيّالي التي بلغت مساحتها دونمًا واحدًا. أما المسيحيون فكانت مقبرتهم في الجزء الجنوبي من القرية ومساحتها حوالي 1.5 دونمًا.
من شهداء البروة في الثورة الفلسطينية: أسعد أحمد، شكري الواكد، لبيبة كيال، إبراهيم سلطاني، نجم أحمد النجم، محمود الشيخة وفضيلة الدلة.
أما شهداؤها في عام 1948 فهم: فارس المجيد، محمود الجودة، علي حسين الجودة، رضوان سكس، فاطمة محمد إسماعيل، أحمد الطه، محمد عشان، إبراهيم النجم وعلي حسيان.
وقد سقطت القرية في يد القوات اليهودية يوم 11 حزيران 1948 في المرة الأولى، وقد استعادها السكان، لكنهم لم يصمدوا أمام هجمات قوات الهچناه فسقطت يوم 24 حزيران.
في أوائل اَب 1951 أعلن الحكم العسكري عن 11 قرية مهجرة في الجليل، يعيش سكانها ضمن الدولة، مناطق مغلقة، وهي: المنصورة، كويكات، البروة، صفورية، المجيدل، ميعار، الدامون، الرويس، عمقة، فراضية وكفر عنان، وهكذا ضمن الجيش الإسرائيلي عدم عودة سكان هذه القرى إلى بيوتهم. بالإضافة إلى ذلك أجرى المسؤولون في الحكم العسكري عمليات تفقدية في القرى للتأكد من عدم وجود أي شخص فيها.
وفي الأشهر اللاحقة أُعلنت 30 قرية مهجرة أخرى مناطق مغلقة، وذلك حسب الباحث هليل كوهن، "الغائبون الحاضرون"، ص85.
ملكت 13542 دونمًا بيع منها 546 دونمًا لليهود وكانت مساحة مسطحها 59 دونمًا.
السنة 1596 1887 1922 1931 1945
عدد السكان 110 755 807 996 1460
أُقيمت على أراضيها مستوطنتان: يسعور1949 وأحيهود 1950.
- خسرو، سفرنامه، ص16، الدباغ، مصدر سابق، 7/372، الخالدي، مصدر سابق، ص463-464، الموسوعة الفلسطينية العامة، 1/386-387، عراف، القرية...ص370، والكنائس في الجليل، ص 26-28، السهل الساحلي ...، ص38 (بالعبرية) وطبقات..، 1/307، درباس، البروة، وطن عصي على النسيان، عرفات، من قرانا المهجرة في الجليل، ص174-179، موسوعة المقدسات في فلسطين، مجلد عكا، ص134-141، رافق، الموسوعة الفلسطينية الخاصة، 2/2/770 وبوكوك، 2/78-87.
-