الأعمى على جانب الطريق عرف يسوع - مرقس ١٠: ٤٦-٥٢

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٤٦ووصَلوا إِلى أَريحا. وبَينَما هو خارِجٌ مِن أَريحا، ومعَه تلاميذُه وجَمْعٌ كثير، كانَ ابنُ طيماوُس (بَرطيماوُس)، وهو شَحَّاذٌ أَعْمى، جالِسًا على جانِبِ الطَّريق. ٤٧فلمَّا سَمِعَ بِأَنَّه يسوعُ النَّاصِريّ، أَخذَ يَصيح: «رُحْماكَ، يا ابنَ داود، يا يَسوع!» ٤٨فَانتَهَرَه أُناسٌ كَثيرونَ لِيَسكُت، فَصاحَ أَشَدَّ الصِّياح: «رُحْماكَ، يا ابنَ داود!». ٤٩فوَقَفَ يسوعُ وقال: «أُدْعوهُ». فدَعَوا الأَعمى قالوا له: «تَشَدَّدْ وقُم فإِنَّه يَدْعوك». ٥٠فَأَلقى عنهُ رِداءَهُ ووَثَبَ وجاءَ إِلى يسوع. ٥١فقالَ لَه يسوع: «ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟» قالَ له الأَعمى: «رابُّوني، أَن أُبصِر». ٥٢فقالَ له يسوع: «اذْهَبْ! إِيمانُكَ خَلَّصَكَ». فأَبصَرَ مِن وَقتِه وتَبِعَه في الطَّريق.

الأعمى على جانب الطريق عرف يسوع - مرقس ١٠: ٤٦-٥٢

الحرب. السنة الثانية – يوم ٢١

        "أَمَّا أَنا فبِالبِرِّ أُشاهِدُ وَجهَكَ، وعِندَ اليَقظَةِ أَشبَعُ مِن صورَتِكَ" (مزمور ١٧: ١٥).

        ارحمنا، يا رب. إنا نموت، ونحافظ على أملنا فيك. هل تتركنا إلى النهاية، نحن وصغارنا؟ "ببِرِّكَ أُشاهِدُ وَجهَكَ"، بنورك، بعدلك ورحمتك، بكل ما تعطيني أشاهد الحياة. إنَّنا معذَّبون، يا رب. جياع عطاش مشرَّدون على الطرقات... بعَدْلِك وحبِّك نحيا. نرجو أن نرى وجهك، ونورك، في وسط الخراب، في أنقاض قلوبنا. إنا نتألم، يا رب. هذا وجودنا. هكذا حكم علينا الناس. ومع ذلك، فنحن بك نوجد لا بسلطان الناس، ولا بسلطان الأشرار الذين يلاحقوننا والموت في قلوبهم. ارحمنا، يا رب.

 

إنجيل اليوم

"ووصَلوا إِلى أَريحا. وبَينَما هو خارِجٌ مِن أَريحا، ومعَه تلاميذُه وجَمْعٌ كثير، كانَ ابنُ طيماوُس (بَرطيماوُس)، وهو شَحَّاذٌ أَعْمى، جالِسًا على جانِبِ الطَّريق. فلمَّا سَمِعَ بِأَنَّه يسوعُ النَّاصِريّ، أَخذَ يَصيح: «رُحْماكَ، يا ابنَ داود، يا يَسوع!» (٤٦-٤٧).

يسوع خارج من أريحا، ومعه تلاميذه وجموع تتبعه. الأعمى على جانب الطريق عرف يسوع. عرف أنه يقدر أن يشفيه. وأخذ يصرخ. هذه صلاته. يصرخ. الناس حول يسوع انزعجوا من صياحه، لكن أمام الله كان صياحه صلاة مرضية. الناس غرباء على آلام الأعمى، مع أنه أخ، وكائن بشري مثلهم، يجب التوقف عنده والاهتمام بشِدّته.

الأعمى يصرخ يريد أن يشفى.

عندما يشتد علينا الشر يجب أن نصرخ، لنتحرر من شر يظلمنا. عندما نرى شرًا في أخ لنا، يجب أن نصرخ ونساعده ليَشفَى. لا يجوز رؤية الشدة في أخ لنا، حتى لو كانت حربًا، ثم نتابع طريقنا كأننا لم نرَ. يجب أن نتوقف عند أخينا. لا يجوز أن نقول: أخي لا يعنيني.

يسوع توقف. جاء ليخلص، ليفتح عيون العميان، وآذان الصم، وليحرر الأسرى من السجون.  جاء ليخلِّص كل البشرية، ليخلِّصني أنا أيضًا، من الشّرِّ الذي يمنعني من سماع صراخ أخي المتألم.

جاء يسوع ليخلِّص، ليعمل الخير، ليجعلني أنا أيضًا، وليجعل كل واحد، قادرًا لأن يخلِّص أخاه من كل شر فيه، ومن كل شر يفرضه عليه إخوته، حين يكون أسيرًا، محرومًا حريته أو كرامته البشرية.

يسوع المخلِّص يريدنا أن نكون مخلِّصين لإخوتنا.

الأعمى يصيح. الناس انزعجوا، أما يسوع فسمع الصراخ وتوقف ليستجيب له ويشفيه. ونحن مثل يسوع.

فوَقَفَ يسوعُ وقال: «أُدْعوهُ». فدَعَوا الأَعمى قالوا له: «تَشَدَّدْ وقُم فإِنَّه يَدْعوك». فَأَلقى عنهُ رِداءَهُ ووَثَبَ وجاءَ إِلى يسوع. فقالَ لَه يسوع: «ماذا تُريدُ أَن أَصنَعَ لَكَ؟» قالَ له الأَعمى: «رابُّوني، أَن أُبصِر». فقالَ له يسوع: «اذْهَبْ! إِيمانُكَ خَلَّصَكَ». فأَبصَرَ مِن وَقتِه وتَبِعَه في الطَّريق" (٤٩-٥٢).

ماذا تريد أن أصنع لك؟ يا رب، أن أرى. قال له يسوع: "إيمانُكَ خَلَّصَكَ". فشُفِيَ جسدًا ونفسًا. صار يرى بعينَيْ الجسد، ورأى قلبُه وجهَ يسوع.

عرفنا يسوع منذ معموديتنا. وتبِعْناه. وسرنا معه على الطريق. لكنَّ روحَ الشر الذي يثقل على الإنسان أثقل علينا أيضًا. فابتعدنا. وأهملنا إخوتنا، وبالفعل نفسه أهملنا يسوع. لأن كل أخ، في أفراحه وأوجاعه، هو يسوع نفسه. والعلامة أننا على الطريق مع يسوع هي أن نكون حاضرين قرب إخوتنا في كل شدائدهم.

ربي، أريد أن أُبصِر. أريد أن أراك، وأن أرى إخوتي. وأن أسير معك ومع إخوتي، وأن أعيدهم إليك.

ربي يسوع المسيح، أنا الأعمى على طريق أريحا، أصرخ إليك: خلِّصْني، وخلِّصْ كل العميان في أرضنا، إليك أصرخ: أعد إلينا البصر. إني أضع أمام حبك صراخ كل إخوتي، في السلام وفي الحرب، أعطنا أن نراك وأن نسير معك، وأن ننجو من شر الحرب. آمين.

الأحد ٢٧/١٠/ ٢٠٢٤                    الأحد ٣٠ من السنة/ب