المغر البيزنطية .. كنز أثريّ نادر في شفاعمرو

القيامة - كتب فوزي ناصر حنا، كاتب ومرشد سياحي، من اقرث ويقيم في الناصرة، المادة المرفقة على صفحته الشخصية. والموضوع مؤلم وكتب عنه الكثير وعدة أطراف بادرت وعملت من أجل إحياء وصيانة الآثار النادرة في مدينة شفاعمرو وخاصة المغر البيزنطية والبرج والقلعة والسوق وغيرها، لكن أصحاب القرار في واد آخر على ما يبدو.

المغر البيزنطية .. كنز أثريّ نادر في شفاعمرو

في أسفل السفح الشمالي لحارة البرج في الجهة الجنوبية من شفاعمرو، مغاور دفن منقورة في الصّخر الجيري، لم تكن معروفة بأهمّيّتها التاريخيّة حتى جاء الباحث البريطاني من صندوق الاكتشافات الفلسطينيّة (P.E.F.) كلود كودنر يرافقه زميله كيتشنر، وذلك في نهاية القرن التاسع عشر، وكتب كودنر يومها (وجدنا قبورًا مذهلة في شفاعمرو، غنيّة بما عليها من حفر وكتابة يونانيّة وصلبان). ولم ياتِ بعدهما بحث جدّي حتّى جاءت مؤخّرًا الباحثة في تاريخ الفنون والمحاضرة في جامعة حيفا، الدكتورة إيما معيان - پانير، التي ركّزت بحثها في المغارتين الثالثة والخامسة في سلسلة المغاور الخمس، وذلك لكثرة الزخرفة الفنّيّة فيهما.

امّا ابن المدينة المغترب الدكتور ابراهيم فريد الدّر فذكرها في كتابه عن مدينته، قائلًا: "المدخل الرئيسي مقصورة صخريّة داخليّة لها واجهة خارجيّة مغطّاة بنقش من العنب والكرمة محفورة وناتئة بشدّة، ومضاف عليها رسوم صغيرة لأنواع من الطير، كلّ كرمة تنبت من حوض، عناقيد العنب رمز الخصب".

ويقول: "سطح الصخرة المائل ترك ممرًّا ضيّقًا مثل دهليز او رواق مربّع، ضلعه 105سم. يوجد على الجدار الشمالي حفر أسد وما يشبه الشّبل، على الحائط اليمين نحت مثله، بالإضافة إلى الطّير، الرّسم او النّحت بدائيّ يشبه النقش على نقود بيزنطيّة من القرنين الخامس والسادس للميلاد".

ويضيف: "تقوم في وسط المقصورة اقواس مقنطرة علوّها 163سم، أمام الخلايا صخرة علوّها 60سم، للمقصورة الخلفيّة عمود أو عضادة بحفر مجدول مستقيم ولولبي، كلّ جدران الخلايا منقوشة بالكرمة وسعف النخيل رمز الموتى، وصلبان لاتينيّة".

وعودة إلى بحث الدكتورة معيان پانير التي تصف بدقّة النقوش على المغارتين المذكورتين، فعلى مدخل المغارة الثالثة نقوش جميلة متنوّعة، تحوي عناقيد عنب وأسودًا، في مركز القوس زهرة دائريّة (روزيتا)، وعلى أحد الجدران أسود ووجه إنسان، الذي يعتقد عالِم الآثار الدكتور مردخاي أڤيعام أنّه وجه ميدوزا، وهي شخصيّة ميثولوجيّة يونانيّة شعرها من الأفاعي وكلّ من التقت عيناه بعينيها يتحجّر.

تحت الزهرة صليب جميل حوله طائران وحرفان يونانيّان ألفا وأوميچا الأوّل والأخير اللذان يرمزان للسّيّد المسيح الذي قال (انا البداية والنهاية).

أما المغارة الخامسة فتحوي زخارف مشابهة، إلّا ان الصليب غير متقن الصّنع، ويبدو أنّه أضيف لاحقًا بسرعة، وتقول الدكتورة معيان پانير إن صاحب القبر قد يكون يهوديًّا دخل المسيحيّة لاحقًا فأضيف له هذا الصليب.

على أحد الجدران نقش بأحرف يونانيّة ترجمتها: "أيّها المخلّص ارحم سالو وارحم ابناءه".

امّا كثرة الثمار والأحياء فربّما ترمز للجنّة.