المتنبي في زيّه المعاصر..أدون المونتنابي!

الكاتب : فتحي فوراني – كاتب ومرب، ناشط في عدة مؤسسات وأطر أدبية واجتماعية - حيفا

المكان: مكاتب بلدية حيفا الزمان: عصر اللامعقول يقف المواطن حنظلة قبالة الموظف الذكي الناطق باللغة العبرية. على طاولة الموظف استمارة تنتظر حنظلة كي يقوم بتزويدها ببعض التفصيلات: الاسم الشخصي..اسم العائلة..العنوان..إلخ

المتنبي في زيّه المعاصر..أدون المونتنابي!

يقوم حنظلة مثل الولد الشاطر بكتابة المطلوب كما يجب..

الاسم: حنظلة بن عروة بن الورد

العنوان: شارع المتنبي 5

قف!!

ينظر الموظف الذكي (والخبير باللغة العربية!) إلى اسم شارع "المتنبي" فتقع الواقعة..وتنزل خشبة من السماء..وتزلزل الأرض زلزالها..

يقاطع الموظف حنظلة بلهجة تحتوي على وجبة دسمة من الاستعلائية والغطرسة والعنجهية والأستاذية..ويشمر عن ساعديه مباهيًا ببطولته المعرفية في اللغة العربية..ويشرح فداحة "الخطأ الجسيم" الذي ارتكبه حنظلة!

"المتنبي" خطأ..والصحيح "المونتنابي"!!

هكذا خبطًا لزقًا!!

فيلتزم حنظلة جانب الصمت والصبر وضبط النفس. يلجم البركان في داخله..ويروح..بأدب جمّ.. يشرح للموظف الذكي والخبير باللغة العربية قائلًا:

أولًا: مع احترامي لمعرفتك العميقة باللغة العربية..فليس هنالك في العالم كلّه شيء أو موقع أو شارع اسمه "المونتنابي"!!

وثانيًا: محدثك، بالمناسبة، معلم للغة العربية..وعلم الأجيال عن شاعر العرب الأكبر"المتنبي"!

وأخرج حنظلة من جعبته الثقافية ما يعرفه عن المتنبي وتاريخه ومكانته السامقة على خريطة التراث الأدبية.

فاحمرّ وجه الخبير الذكي وراح يمسح العرق عن جبينه وأخذ يتقلص وينكمش ويصغر ويصغر ويصغر..حتى اختفى!

**

سؤال: متى ستنتهي عملية السطو التاريخية على الأسماء العربية وتشويه وجهها وطمس معالمها وتحويل المتنبي إلى "المونتنابي"!؟

متى!؟

لقد بلغ السيل الزبى!