القاضي الظالم والمداومة على الصلاة - لوقا ١٨: ١-٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

المثل اليوم هو مثل القاضي الظالم الذي "لَا يَخَافُ الله وَلَا يَهَابُ النَّاسَ" (٢) والذي ظلم أرملة مسكينة، وحيدة، لا أهل لها ولا عشيرة تحميها. المثل يتكلم على ضرورة الإلحاح في الطلب، وقد ألحَّت الأرملة حتى نالت. والقاضي قال في نفسه: " أَنَا لَا أَخَافُ الله وَلَا أَهَابُ النَّاسَ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الأَرمَلَةَ تُزعِجُنِي، فَسَأُنصِفُهَا لِئَلَّا تَظَلَّ تَأتِي وَتَصدَعَ رَأْسِي" (٤-٥).

القاضي الظالم والمداومة على الصلاة - لوقا ١٨: ١-٨

 

١. وضرب لهم مثلا في وجوب المداومة على الصلاة من غير ملل،

٢. قال: كان في إحدى المدن قاض لا يخاف الله ولا يهاب الناس.

٣. وكان في تلك المدينة أرملة تأتيه فتقول: أنصفني من خصمي،

٤. فأبى عليها ذلك مدة طويلة، ثم قال في نفسه: أنا لا أخاف الله ولا أهاب الناس،

٥. ولكن هذه الأرملة تزعجني، فسأنصفها لئلا تظل تأتي وتصدع رأسي.

٦. ثم قال الرب: اسمعوا ما قال القاضي الظالم.

٧. أفما ينصف الله مختاريه الذين ينادونه نهارا وليلا وهو يتمهل في أمرهم؟

٨. أقول لكم: إنه يسرع إلى إنصافهم. ولكن، متى جاء ابن الإنسان، أفتراه يجد الإيمان على الأرض؟

           الحرب. اليوم ٤٢

          اللهم، رؤساء الحرب يقولون إنهم أنهوا المرحلة الأولى وسيبدأون المرحلة الثانية. وما الفرق؟ في المرحلة الأولى كان موت ودمار. وفي الثانية سيكون أيضًا موت ودمار. اللهم، ارحمنا. نحن أيضًا نشعر وكأن الحرب أخذت تفرغنا من إنسانيتنا. عدوى الحرب شديدة. الحرب بدأت تدخل في القلوب. كلا، يا رب، لا تسمح بذلك. احفظ لك فينا قلوبًا نقيّة تراك، وتحمل السلام والعدل، لمن يريد ولمن لا يريد. اللهم، أرسل رسلك، بقوة جديدة لا تعرفها الأرض، تساعد الجانبين لكي يروا أنهم يفقدون إنسانيتهم، حتى يتوقفوا قبل فوات الأوان. اللهم، أرسل روحك، وجدِّدْ أرضنا، وجدِّد الإنسان الذي يصنع الحرب فيها. اللهم، إنسان جديد يعرفك ممتلئ بروحك.

       إنجيل اليوم.

       المثل اليوم هو مثل القاضي الظالم الذي "لَا يَخَافُ الله وَلَا يَهَابُ النَّاسَ" (٢) والذي ظلم أرملة مسكينة، وحيدة، لا أهل لها ولا عشيرة تحميها. المثل يتكلم على ضرورة الإلحاح في الطلب، وقد ألحَّت الأرملة حتى نالت. والقاضي قال في نفسه: " أَنَا لَا أَخَافُ الله وَلَا أَهَابُ النَّاسَ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الأَرمَلَةَ تُزعِجُنِي، فَسَأُنصِفُهَا لِئَلَّا تَظَلَّ تَأتِي وَتَصدَعَ رَأْسِي" (٤-٥).

       ألحَّتْ حتى نالت. لم تيأس. ونحن كذلك، لا نيأس، في صلاتنا، حتى في معاملاتنا مع الناس، حتى في زمن الحرب. بل نؤمن بالسلام والعدل، مهما صنع أقوياء هذا العالم. نؤمن بالله الصالح والرحيم. ورجاؤنا في الله. المؤمن لا ييأس. يرجو دائمًا. لأنه يرجو الله، الأب القدير والرحيم ومُحِبِّ البشر.

       وختم يسوع المثل بقوله:

       "أَفَمَا يُنصِفُ الله مُختَارِيهِ الَّذِينَ يُنَادُونَهُ نَهَارًا وَلَيلًا وَهُوَ يَتَمَهَّلُ فِي أَمرِهِم؟ أَقُولُ لَكُم: إنَّهُ يُسرِعُ إلَى إنصَافِهِم" (٧-٨).

       الكلام على الثبات في الصلاة. قد نفكر أحيانًا أن الله لا يصغي. الله يصغي، وسيستجيب. في هذه الحرب الله يصغي، وسيتدخل ويستجيب. كذلك في أمور أخرى، الله يسمع ويرى. وإن لم نره نحن، هو يرانا. وسيرينا وجهه وعمله يومًا. لا تتعبوا من الانتظار ولا تيأسوا. قد تطول الليلة المظلمة، لكنها ستنتهي. "وسيُنصِفُ الله مُختَارِيهِ" (٧).

       وينتهي إنجيل اليوم بهذه الآية الغريبة، والمخيفة: "وَلَكِن، مَتَى جَاءَ ابنُ الإنسَانِ، أَفَتُرَاهُ يَجِدُ الإيمــَانَ عَلَى الأَرضِ؟" (٨). هل يجد الإيمان على الأرض؟ هل يجد مؤمنين فقدوا إيمانهم؟ هل يجد أساقفة يتخاصمون في شؤون السينودس والسينودسية وأمور أخرى؟ هل يجد حروبًا؟ سيجد كهنة، ومسيحيين... لكن هل يجد الإيمان؟ ليطرح كل واحد السؤال على نفسه، حتى إذا جاء المسيح في كل لحظة أو في غد بعيد، وجدنا مؤمنين حقًّا، علمانيين أو مكرَّسين. سيجد الله دوما "الصغار" الذين يحبهم، مثابرين على الصلاة، والإيمان يضرم قلوبهم. لنَسعَ ولنجتهد لنكون بين هؤلاء الصغار الذين يحبهم الله.

          ربي يسوع المسيح، علِّمْنا أن نصلِّي، من غير أن نتعب. أعطنا أن نؤمن أن الله أبانا سيستجيب لنا. وأعطنا، ربي، ألا نتيه في ما يشبه الإيمان، بل نثبت في الإيمان الحقيقي، فتجد فينا الإيمان يوم تعود إلينا. آمين.

            السبت ١٨/١١/ ٢٠٢٣         بعد الأحد ٣٢ من السنة/أ