نرجع إلى يسوع لنخبره بكل ما عملنا - مرقس ٦: ٣٠-٣٤

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٣٠ واجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا. ٣١ فقالَ لهم: «تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلًا». لِأَنَّ القادِمينَ والذَّاهِبينَ كانوا كَثيرينَ حَتَّى لم تَكُنْ لَهم فُرصَةٌ لِتَناوُلِ الطَّعام. ٣٢ فمَضَوا في السَّفينَةِ إِلى مَكانٍ قَفرٍ يَعتَزِلونَ فيه. ٣٣ فرآهُمُ النَّاسُ ذاهبين، وعَرَفَهُم كَثيرٌ مِنهُم، فأَسرَعوا سَيرًا على الأَقدامِ مِن جَميعِ المــُدُن وسبَقوهم إِلى ذٰلك المــَكان. ٣٤ فلَمَّا نَزَلَ إِلى البَرّ رأَى جَمعًا كثيرًا، فَأَخذَتْه الشَّفَقَةُ علَيهم، لِأَنَّهم كانوا كَغَنَمٍ لا راعِيَ لها، وأَخَذَ يُعَلِّمُهم أَشياءَ كثيرة.

نرجع إلى يسوع لنخبره بكل ما عملنا - مرقس ٦: ٣٠-٣٤

الحرب. اليوم ٢٨٩

        "إِن خَرَجتُ إِلى الحَقْل، فإِذا القَتْلى بِالسَّيف، وإِن دَخَلتُ المــَدينة فإِذا المــُتَضَوِّرونَ جوعًا، فحَتَّى النَّبِيُّ والكاهِنُ، طافا في الأَرضِ لا يَفهَمانِ شَيئًا" (١٤: ١٨).

        ارحمنا، يا رب. وصف النبي إرميا، يا رب، حالتنا في غزة ورفح وفي كل القطاع. لا الحقول ولا المدن ولا القرى سالمة. السيف في كل مكان. ونحن ننظر، ونتجوَّل بنظرنا في غزة وفي كل أرضنا، ولا نفهم شيئًا. هذا الوضع، يا ربّ، ليس طبيعيًّا. هذا وضع شاذّ. ليس منك، أنت القدوس، الصالح الذي لا يموت. أنت رب الحياة. أرسل أنبياءك لإصلاح الوضع، لإيقاف شَرّ الناس، لإيقاف سيوفهم وقذائف الموت في أيديهم وقلوبهم. لا تنسًنا، يا رب. تعال، يا رب، ولا تتأخر. أوقف الحرب، يا رب، من أجل حبك، بحق ذبيحة ابنك الحبيب يسوع المسيح.

    

  

        إنجيل اليوم

        "واجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا. فقالَ لهم: «تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلًا». لِأَنَّ القادِمينَ والذَّاهِبينَ كانوا كَثيرينَ حَتَّى لم تَكُنْ لَهم فُرصَةٌ لِتَناوُلِ الطَّعام. فمَضَوا في السَّفينَةِ إِلى مَكانٍ قَفرٍ يَعتَزِلونَ فيه".

        "واجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا". نرجع إلى يسوع لنخبره بكل ما عملنا. في آخر النهار، بعد جهود مضنية، بعد نشاطات ناجحة، بعد أحزان أو أفراح، نرجع إلى يسوع، ونخبره بكل ما عملنا. نحن مرسَلون في كل لحظة، لنبقَ مرتبطين بيسوع الذي أرسلنا. نحن نعيش مع الناس، من أجل الناس، نعيش مع مؤمنينا، حياة الرعية، حياة كل المجتمع، كل البلد، نعيش مع الحرب، ومع الرغبة في السلام، ونرجع إلى يسوع، لنروي له كل ما حدث لنا في نهارنا، صعابنا وكل أحداث النهار.

        نرجع إلى يسوع في كل لحظة، في قداس كل يوم، في صلاة الساعات، في زيارة القربان الأقدس في صمت الكنيسة أمام بيت القربان. نرجع إلى يسوع، أحرارًا من الناس، أحرارًا من الأرض، لنرى يسوع، لنستعيد قوانا، لنأخذ النور، ثم نعود إلى الناس وإلى الأرض.

        "واجتَمَعَ الرُّسُلُ عِندَ يسوع، وأَخبَروه بِجَميعِ ما عَمِلوا وعلَّموا". الرجوع إلى يسوع هو جزء لا يتجزَّأ من الرسالة. البقاء في حضرة الله، في كل مدة رسالتنا. البقاء في نوره، وحبِّه، وسنعرف كيف نتكلَّم باسمه، وسنعرف كيف نبشِّر به ونعرِّف الناس به، وكيف نوصِّل نوره وحبَّه إلى الناس.

        فقالَ لهم: «تَعالَوا أَنتم إِلى مَكانٍ قَفرٍ تَعتَزِلونَ فيه، واستَريحوا قَليلًا». تعالوا استريحوا قليلًا. من أجل الناس، من أجل التعويض عن شر الناس، أعيدوا ارتباطكم بمن أرسلكم. يجب أن تأتوا إلى مكان قفر، لتعتزلوا الناس، لتجدِّدوا قواكم، لتضعوا العمل بين أيدي ربِّ العمل. لتتذكَّروا أن العمل ليس مشروع بشر، ليس لفلان أو فلان، بل لرب الحصاد، وهو الذي يرسل العملة إلى حصاده.

        على حدة، في مكان قفر، وقفرٌ في النفس وفي الجسد. في القفر حيث يوجد الله. مع الله أولا، ثم العودة إلى الناس، رسلًا لله، نحمل الله لا أنفسنا للناس، ننطلق من القفر ممتلئين بحياة جديدة تحتاج إليها الأرض.

        " كَغَنَمٍ لا راعِيَ لها". كثيرون هم الذين لا راعي لهم، وحدهم، من غير عزاء ولا رجاء. الله هو الراعي. وهو رب الحصاد. يُرسِلُنا، لنشفق، ونقوِّي، ونعزّي، ونشفي. متضامنون مع الجميع في كل الصعاب، ومسؤولون عن الجميع. مُرسَلون من قبل الله، فالله هو الذي يعمل. هو القدير، ما لا نقدر أن نعمله، يعمله هو. هو الأب، وهو الرحيم ويشفق على الجموع ...

        ربي يسوع المسيح، علِّمني أن أرجع إليك، لأبقى دائمًا في الرسالة التي كلَّفتَني بها، لأبقى في عملك وفي حقلك، لأبقى أخًا لكل إخوتي، مرسَلًا إليهم جميعًا. علِّمْني أن أتمِّم مشيئتك، حتى أخلِّصَ وأمنحَ الحياة للجميع. آمين

الأحد ٢١/٧/ ٢٠٢٤      بعد الأحد الخامس عشر من زمن السنة/ب