من هو الأكبر فيما بيننا؟ - لوقا ٩: ٤٦-٥٠

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٤٦وجرَى بَينَهم جِدالٌ فيمَن تُراه الأَكبَرَ فيهم. ٤٧فَعَلِمَ يسوعُ ما يُساوِرُ قُلوبَهم، فأَخَذَ بِيَدِ طِفْلٍ وأَقامَه بِجانِبِه، ٤٨ثُمَّ قالَ لَهم: «مَن قَبِلَ هٰذا الطِّفلَ إِكرامًا لِاسْمي، فَقَد قَبِلَني أَنا، ومَن قَبِلَني قَبِلَ الَّذي أَرسَلَني. فمَن كانَ الأَصغَرَ فيكم جَميعًا فذٰلِكَ هو الكَبير. ٤٩فتَكَلَّمَ يوحنَّا قال: «يا مُعَلِّم، رَأَينا رَجُلًا يَطرُدُ الشَّياطينَ بِاسمِكَ فأَرَدْنا أَن نَمنَعَه، لِأَنَّه لا يَتبَعُكَ مَعَنا». ٥٠فقالَ لَه يسوع: «لا تَمنَعوه، فمَن لم يَكُنْ علَيكم كانَ مَعَكم.

من هو الأكبر فيما بيننا؟ - لوقا ٩: ٤٦-٥٠

الحرب. اليوم ٣٥٩

"تَنتَظِرُ الرَّبَّ نُفُوسُنا، فهو نُصرَتُنا وتُرسُنا. بِه تَفرَحُ قُلوبُنا، وعلى اسمِه القُدُّوسِ تَوَكَّلْنا. لِتَكُنْ عَلَينا يا رَبُّ رَحمَتُكَ، بِحَسَبِ رَجائِنا" (مزمور ٣٣: ٢٠-٢٢).

ارحمنا، يا رب. "تَنتَظِرُ الرَّبَّ نُفُوسُنا، فهو نُصرَتُنا وتُرسُنا". ربَّنا وأبانا، إياك وحدك ننتظر. كل المنطقة تنتظرك، فلسطين وإسرائيل ولبنان. اغتيالات ودمار، ومزيد من الانتقام والكراهية والازدراء بالإنسان... هذا ليس الإنسان الذي خلَقْتَه على صورتك، يا رب. "لِتَكُنْ عَلَينا، يا رَبُّ، رَحمَتُكَ، بِحَسَبِ رَجائِنا". ليكُنْ علينا حبُّك، يا رب. الزمن دائمًا في يديك لتخلِّصَنا. الزمن لحبِّكَ لا يمر أبدًا، قبل أن تخلِّصَنا، نحن الذين خلقتنا بحبك. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم

الإنجيل نفسه مثل قبل أيام. والموضوعان يتكرران، الأول: من هو الأكبر؟ والثاني: " رَأَينا رَجُلًا يَطرُدُ الشَّياطينَ بِاسمِكَ فأَرَدْنا أَن نَمنَعَه".

نتابع تأملنا في الموضوع الأول، من هو الأكبر بيننا؟

"وجرَى بَينَهم جِدالٌ فيمَن تُراه الأَكبَرَ فيهم. ٤٧فَعَلِمَ يسوعُ ما يُساوِرُ قُلوبَهم، فأَخَذَ بِيَدِ طِفْلٍ وأَقامَه بِجانِبِه، ٤٨ثُمَّ قالَ لَهم: «مَن قَبِلَ هٰذا الطِّفلَ إِكرامًا لِاسْمي، فَقَد قَبِلَني أَنا، ومَن قَبِلَني قَبِلَ الَّذي أَرسَلَني. فمَن كانَ الأَصغَرَ فيكم جَميعًا فذٰلِكَ هو الكَبير" (٤٦-٤٨).

نريد أن نكون كبارًا؟ الله صنعنا كبارًا، على صورته. لكنّ طُرُقَ هذا الكِبَر هي طرق الله، محبة الله، ومحبة القريب. هي صلبان كل يوم، صلباننا وصلبان إخوتنا. همومنا وهموم إخوتنا.

نكون كبارًا؟ فنكون مثل الطفل الذي يثق بأبيه، وبأُمِّه. فإذا كانا حاضرَيْن، فهو واثق لا يخاف. نكون مثل طفل، لا مكان له في المجتمع، ولا يدَّعي أخْذَ مكان غيره، أو ظُلمَ غيره، أو قتل غيره ... إنه طفل، حياته في حياة والديه فقط. الحياة مع الله فقط، والله يهدي، وينير ويمنع من التوجه إلى الشر.

نكون صغارًا، نقبل أنفسنا صغارًا أمام الله، خالقنا، وأمام إخوتنا. ونعطي، نعطي كل شيء.

كبار هذا العالم. عالمنا هو عالم حرب وموت. هذه هي أسوأ حال يمكن أن نصل إليها. ويمكن أيضًا، في رتابة أيامنا، أن نغرق في المخاصمات: من هو الأكبر بيننا؟ كرامات، ومراتب، وحسد، وأموال ...

نكون صغارًا لننعم بالأرض في ظل أبينا وأمنا، في ظل الله أبينا، فلا نحَوِّل الأرض إلى مكان حرب وموت للآخرين.

صغار أمام الله، لمحبة الله، لمحبة إخوتنا وأخواتنا، ولخلق أرض تسود فيها المحبة، ويسود فيها "كبار" هم خُدّام، وصغار، أمام الله وأمام إخوتهم.

صغار لنستقبل كل إخوتنا. صغار، أنقياء القلوب فنشاهد الله، وفي الله نرى كل إخوتنا، ولا نظلم أحدًا من إخوتنا.

من هو الأكبر فيما بيننا؟ بين الكهنة، بين الرهبان والراهبات والمكرسات؟ من هو الأكبر بين المسيحيين المؤمنين كل واحد في عائلته وفي مكانه في مجتمعه؟ الأكبر هو صاحب القلب النقي الذي يشاهد الله، ويشاهد إخوته، ويخدمهم، ويرى حاجاتهم، وهمومهم. وهو الذي لا يحوِّل الأرض إلى مكان حسد وغيرة ومخاصمات، وحرب وموت. الطفل الصغير يرى الله ويرى السلام في كل إخوته وأخواته وحياته.

ربي يسوع المسيح، علِّمني أن أكون كبيرًا بحسب ما ترى أنت، بالصليب، وبالمحبة، وبالعطاء لك ولكل إخوتي. علِّمني أن أكون صغيرًا، خادمًا لكل إخوتي وأخواتي، مثلك، لمــَّا كنت على أرضنا هذه بيننا. آمين.

الاثنين ٣٠ /٩/ ٢٠٢٤         بعد الأحد ٢٦ من السنة/ب