كلمة في تقديم "القاموس الوافي للانجيل المقدس" للكاتب والأديب والباحث الدكتور فهد أبو خضرة

الكاتب : الأب رائد أبو ساحلية – راعي كنيسة القديس أنطون للاتين في الرامة

القيامة – ننشر فيما يلي كلمة الأب رائد أبو ساحلية، راعي كنيسة القديس أنطون للاتين في الرامة حول "القاموس الوافي للانجيل المقدس" والتي ألقاها في الأمسية الثقافية التي أقيمت في "مركز الأفق" في شفاعمرو يوم الأربعاء 28 حزيران 2024، وذلك بالاتفاق مع الكاتب وموافقته.

كلمة في تقديم "القاموس الوافي للانجيل المقدس" للكاتب والأديب والباحث الدكتور فهد أبو خضرة

مساء الخير للجميع

دكتورنا العزيز أبو حبيب/ فهد أبو خضرة

أيها الاخوة والاخوات الأعزاء

 

شرَّفني الأخ زياد شليوط ودعاني باسم مركز اللقاء في الجليل ومؤسسة الأفق الثقافي والفنون، لأتكلم قليلاً عن العمل الجبار:

"القاموس الوافي للانجيل المقدس" للكاتب والأديب الدكتور فهد أبو خضرة

 

كلمتي مُكوَّنة من ثلاثِ كلمات، ولكنها منه ومني:

منه: من شعره العميق المُضمَّخ بحكمةِ السنين وحنكةِ الكاتب العريق،

ومني: من نثري الرقيق ووحي الخاطر وفيض القلب ولكن بكلام دقيق.

 

الكلمة الأولى: إن القاموس عمل فريد من نوعه = أي لا يوجد في اللغة العربية وطوال التاريخ وفي جميع أنحاء العالم... عملٌ نظيرٌ له...!

وهو يقول في مجموعته الشعرية:

طريقي إلى الشَّمسِ ليست تمُرُّ

بهذي السفاسفِ، هذه القشور

طريقي الى الشَّمسِ تعبرُ في الضوءِ

كما أُريدُ إلى ما أُريد

أُقيمُ بنفسي القِلاعَ وأُشيدُ الممالك

يجري بها المجدُ والوردُ

أرسمُ للاحقين طريقَ البداياتِ

نحو الرِضا ونحوَ الذي يشتهي العارفون

طريقي إلى الشَّمسِ لا ترتضي

سِوى ما أرتضى الوعدُ والواعدون.

 

هكذا قال الشاعر في مجموعته الشعرية

لذلك خرج القاموسُ فريداً من نوعه:

لأنه تحليقٌ في الأعالي وطلبٌ للمعالي،

وإبحارٌ في الأعماقِ بحثاً عن اللآليء،

ورحلةٌ في الآفاق وإرثٌ للأجيال في الأعوام التوالي،

وثمرةٌ يانعةٌ للجُهدِ والتعبِ وسهرِ الليالي.

 

فعندما أخبرني بمشروعه الطموح قبل 5 سنوات في بيته العامر

استغربت وقلت: "ما حدا عمل هذا الشغل"؟

فاتصلنا يومها بالهاتف بالعلامة الكبير الأب المرحوم بيتر مدروس

ولم ولن يوجد أعظم منه في كنيستنا المحلية في معرفة الكتاب المقدس

و 16 لغة ومن ضمنها لغات الكتاب المقدس القديمة..

وسألناه هذا السؤال: هل يوجد قاموس أو معجم لكلمات الانحيل باللغة العربية؟

وقال لا، وأضاف بأنه سيكون انجازعظيم إذا قام بهذا العمل الكبير..

كنت أود حقيقة لو كان الأب بيتر مدروس – رحمه الله - يقف مكاني الآن ليتكلم عن قيمة هذا العمل من الناحية الكتابية واللغوية واللاهوتية... ولكني أعتقد بأنه سعيدٌ أن ما كان يحلم به هو، قد تم على يد أبو حبيب..!

 

لأن أبا حبيب يقول:

"إحمل إصرارك واتبعني"  - والمعلم كان يقول "إحمل صليبك واتبعني"

أُعطي كما تُعطي النُّسورُ وأَرتَضي

ما ترتضي الأمجادُ في سَطواتِها

 

فأبو حبيب، لانه الباحث عن أجنحة – وهذا عنوانُ ديوانٍ شعري له - قد ركَّب أجنجة النسور ليحلق في الأعالي ويبلغ ليس فقط كما يعيش النسور 70 سنة

ولكن 85 سنة وعقبال ال 120 .. ليكمل التحليق كما به يليق، فالنسور لا يليق بها سوى القمم الشامخات..! على فكرة "النسور" عنوانٌ لديوانٍ شعري كامل، وفكرة النسور تتكرر باستمرار في كتاباته.. من الواضح انه يحب النسور لا بل يشبهها، أنظروا على عيونه... ألم تكتب في قصيدتك؟

قًلتُمُ: السَّفحُ فَضاءُ النَّسرِـ

قُلنا: هو نّسرٌـ

كيفَ للنَّسرِ بأن يرضى السُّفوحا؟

 

الكلمة الثانية:

هذا القاموس عملٌ جبارٌ بكل ما في الكلمة من معنى واعتبار

ولا يقدر عليه إلا من تحلَّى بالعزمِ والجدِ والكدِ والإصرار..

فهو يقول: "ولكن..يعرفُ الإصرارُ..كيف يُفتِّتُ الصخرَ...!

 

ويقول أيضاً الدكتور في مجموعته الشعرية:

سِر إلى المجدِ طامحاً     واجعل العَزمَ سُلَّما

واستَعِد زهوَ ما مضى    وابنِ ما قـد تهدَّما

وازرع الأُفقَ فرحةً     تملأُ الأرضَ والسـَّما

 

العمل الجبار هو أن أبا حبيب "دقة قديمة" بالمعنى الإيجابي للكلمة، لأن "الدهن في العتاقي" فالنبيذ المُعتَّق طيبٌ وكلما تعتق أصبحَ أطيب..!

فهو لا يستعمل الحاسوب أو الكمبيوتر، بل يكتب كلَّ كلمة بخطه الأنيق مع الحركات.. وقد اطلعتُ على الفصل الأول بخط يده الجميل وأُعجِبتُ لا بل ذُهلتُ به؟؟ لذلك، أن تقوم بهذا العمل لمدة خمس سنوات كلمة كلمة للأربعة أناجيل هو إنجازٌ عظيمٌ لا بل إعجازٌ مُعجزٌ باهر أوصله بالفعل عنانَ السماء..

 

هذه هي الكلمة الثانية أن هذا القاموس عملٌ جبار

وهذه الكلمات التي تلوتها هي من قصيدة "وطنٌ للزمن الآتي" فهذا العمل بالفعل "عملٌ للزمن الآتي" سيُخلِّدهُ التاريخ.. لأنه "أغنيةٌ للزمن الآتي" وهذا عنوان لقصيدة أخرى في مجموعته الشعرية...!

الكلمة الثالثة:  إنه عملٌ مفيدٌ..

فهذا ليس كتاب للمطالعة ولا للقراءة ولا ليوضع على الرفوف ليأكله الغبار.. لأنه مرجع للبحث، فهو معجمٌ مكوَّنٌ من آلاف الكلمات – لا بل كل كلمة في الأناجيل الأربعة – مع شروحاتها اللغوية والكتابية ووُضِعَ في 1017 صفحة..

فهو مفيدٌ للكاهن وللعالم وللباحث والطالب والمؤمن والمثقف على السواء،

وهو مرجع للتنقيب فيه والبحث في طياته عند الضرورة والحاجة كلما استعصى فهم أي كلمة أو آية في الأناجيل..

 

يقول شاعرنا الكبير:

يغدو انطلاقكَ كلَّ يومٍ آيةً       للمجدِ تُكبِرُ سرَّها الأجيالُ

فاطمح إلى قممِ الزمانِ فإنَّما   عُـقـِدت على آمالِك الآمالُ

 

فأنا منذ صدر هذا القاموس عُدت اليه واستفدتُ منه عدة مرات، وسأعطيكم ثلاثة أمثلة:

  • عندما تكلم يسوع عن الخمرة الجديدة والزُقاق الجديدة

وجدت في قاموسه أن الزِقاق – بالكسرة - هو الطريق الضيق المستقيم، بينما الزُقاق - بالفتحة - فهو القربة من جلد الحيوان – وكنت أعتقد بأنه الجرة..!

إذن فيه فائدة لغوية من الناحية العربية..

  • وأيضا في اللغة الكنعانية والأرامية والعبرية:

ورد في الانجيل انهم اتهموا يسوع بأنه "بعل زبول" أي بسيِّد الشياطين يطرد الشياطين..

وفي قاموسه ذكر معلومة أنا كنت أعرفها واستغربت انه أوردها فيه بهذه الدقة، أنهم كانوا أيضا يقصدون "بعل زبوب" أي سيد الذباب – على اعتبار أن الذباب يتجمع على القاذورات والمزابل – من باب الاستهتار بإله الكنعانيين الوثنيين "بعل زبول" أي إله القاذورات والمزابل..

أي ان هناك كلمات أعجمية في الاناجيل ليس لها جذر ثلاثي أوردها أيضا..

  • والفائدة الثالثة: عندما تكلم الانجيل عن تجارب إبليس ليسوع في البرية مدة أربعين يوما وأربعين ليلة عندما صام حتى جاع..

فكلمة ابليس ليست عربية بل يونانية من كلمة "ديابولوس" وهذا صحيح.. ولكنه ذكر أيضاً بأنها ممكن أن تكون من اللغة العربية، من "الإبلاس" وتعني فقدان الثقة برحمة الله.. وبالفعل إبليس هو من فقد الثقة برحمة الله عندما سقط في العصيان..!

أذن أيضاً الكلمات اليونانية والأعجمية الواردة في الانجيل تجدها في هذا القاموس الوافي..!!

 

نعم أيها السادة المعجبون – من كلماته..

ستخلُدُ في صورٍ بارعةٍ

تُعلَّقُ فوق ظهورِ الخيول التي لم تزل

تمدُّ الصهيلَ وتحرسُ راياتِ فرسانِها..

وأنت يا دكتور.. فرسٌ أصيلٌ.. لا بل فارسٌ من فرسانها..!

 

أُنهي..

من ابداعات الدكتور فهد الشعرية أنه خصص - لا بل ابتكر - مجموعةً من القصائد عن التلميذ الرابع عشر – بينما كان عند يسوع اثني عشر تلميذاً فقط –

وعندما تسأله: من هو التلميذ الرابع عشر؟ يقول لك: أنا  أي هوالتلميذ الرابع عشر..

ألم تقل على لسانه في قصيدة "التحديات":

قوياً أريدك.. عميقاً أريدك..عنيداً أريدك.. فريداً أريدك.. تقولُ تحدَّيتَ، هذه البشارة، فارفع شعارك وابدأ مسارك، مثل الصباح، فان الطريق طويل طويل..!!!

وأنا أقول: بما أن الدكتور فهد أبو خضرة هو التلميذ الرابع عشر..

وبما أن أربعة من التلاميذ كتبوا الأناجيل الأربعة،

فقد كتب أبو حبيب الانجيل السابع..!

تستغربون لماذا لم أقل الانجيل الخامس؟

لأن الانجيل الخامس بالنسبة لي نحن المؤمنين بيسوع المسيح...

أما الانجيل السادس فهو الأرض المقدسة حيث وُلِدَ وعاش وعلَّم سيدنا يسوع المسيح بما فيها من مقدسات..

أما الانجيل السابع فهو "القاموس الوافي للانجيل المقدس"

لذلك، هنيئا لأبي حبيب هذا الإنجاز لا بل هذا الإعجاز،

لقد دخلتَ التاريخ من أوسع أبوابه باستحقاق وامتياز.

وشكراً لكم جميعاً على حُسنِ الإصغاء..