"عين الزيتون" وما بقي منها من حجر وشجر بعد ترحيل البشر

كانت القرية مبنية على المنحدر الغربي لوادي الدلب، قريبا ًمن الطريق العام المؤدي الى مدينة صفد. ومن الجائز أن يكون وادي الدلب هو ما سماه الجغرافي العربي الدمشقي وادي دليبة، الذي يقع بحسب ما وصفه بين ميرون وصفد. وقال الدمشقي إن الماء يتدفق من عين هناك ساعة أو ساعتين ثم ينقطع، والواقع أن اسم القرية يوحي بان عين ماء كانت في الجوار في وقت من الأوقات، كانت عين الزيتون قرية في ناحية جيرة (لواء صفد) وعدد سكانها 622 نسمة.

"عين الزيتون" وما بقي منها من حجر وشجر بعد ترحيل البشر

وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والزيتون، بالإضافة الى كروم العنب والبساتين. في أواخر القرن التاسع عشر روى زوار عين الزيتون، أن القرية كانت مبنية بالحجارة على قمة تل شمالي صفد. وكان عدد سكانها يقدر بما بين 200 أو 350 نسمة وكانت عين الزيتون تعد من ضواحي صفد، ونظراً الى قربها منها ومع تمدد القرية ونموها، صارت المنازل الحجرية تبنى الى الجنوب في اتجاه صفد وكان سكان القرية كلهم من المسلمين، ولهم فيها مسجد ومدرسة ابتدائية وكانوا يعنون بالزراعة الزيتون والحبوب والفاكهة ولا سيما العنب. وكانت زراعتهم بعلية الا أنهم كانوا يتزودون مياه الشرب من بئر وعين ماء تقعان على بعد 800م الى الشمال في 1944/1945، كان ما مجموعه 280 دونما مخصصاً للحبوب و477 دونما مروياً أو مستخدماً للبساتين.

هاجمت "القوات الصهيونية" عين الزيتون قبل مدة من نجاحها في الاستيلاء عليها. وقد نقلت (نيورك تايمز) أن مجموعة مغيرة قتلت قرويا في صباح 3 كانون الثاني 1948 وألقت قنابل على أربعة منازل، وأن إطلاق النار استمر في جوار القرية بقية اليوم. وفي وقت لاحق و تمهيدا لاحتلال صفد في سياق عملية يفتاح، تقدمت قوات البلماح في اتجاه عين الزيتون من جهة الشمال واحتلتها في 1 أيار 1948. وقال سكان من القرية إن المسلحين من رجال القرية قرروا الانسحاب انسحاباً تكتيكياً، لكن سكان القرية الآخرين قرروا عدم مغادرة منازلهم، فلما دخل الجنود الإسرائيليون القرية جمعوا السكان وأخذوا الرجال منهم بعيداً في حين أذلوا الآخرين منهم وطردوهم وهم يطلقون الرصاص فوق رؤوسهم، بحسب ما جاء في شهادة القرويين والمصادر الإسرائيلية، أما الرجال فقد طرد بعضهم لاحقاً وأتيح لهم أن يلتحقوا بعائلاتهم إلا سبعة وثلاثين منهم أخذوا أسرى بطريقة عشوائية.


حاول نفر غير قليل من سكان القرية العودة الى منازلهم في الأيام القليلة التي عقبت ذلك، لكن قوات البلماح أطلقت النار عليهم، وقتلت أحدهم وفق ما ذكر المؤرخ موريس. أما منازل القرية فقد أحرقت أو نسفها لغامو البلماح في 2 أيار و 3 أيار. وقد تمت عملية التدمير لترويع سكان صفد الذين كانوا في وسعهم أن يروا المشهد من التلال المجاورة.

تتبعثر أنقاض المنازل الحجرية في أرجاء الموقع الذي غلبت عليه أشجار الزيتون ونبات الصبار، وبقيت بضعة منازل مهجورة ولبعضها مداخل مقنطرة ونوافذ طويلة تعلوها أشكال مقنطرة متنوعة. وفي أحد المنازل حجر أملس يعلو قنطرة المدخل نقشت عليه البئر وعين الماء أيضاً.

المصدر: كتاب "كي لا ننسى" للباحث وليد الخالدي

الصور: بلطف عن صفحة الأب رائد أبو ساحلية