عيد القديسين الرسولين بطرس وبولس - يوحنا ٢١: ١٥-١٩
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
١٥ وبَعدَ أَن فَطَروا قالَ يسوعُ لِسمْعانَ بُطرُس: يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني أَكثَرَ مِمَّا يُحِبُّني هؤلاء؟ قالَ لَه: نَعم يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُبًّا شَديدًا. قالَ لَه: ارعَ حُمْلاني. ١٦ قالَ له مَرَّةً ثانِية: يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني؟ قالَ له: نَعم يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُبًّا شَديدًا؟ قالَ له: اسْهَرْ على خِرافي. ١٧ قالَ له في المــَرَّةِ الثَّالِثة: يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني حُبًّا شَديدًا؟ فحَزِنَ بُطرُس لأَنَّه قالَ له في المــَرَّةِ الثَّالِثَة: أَتُحِبُّني حُبًّا شَديدًا؟ فقالَ: يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ كُلَّ شَيء، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُبًّا شَديدًا. قالَ له: ارْعَ خِرافي. ١٨ الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ: لَمَّا كُنتَ شابًّا، كُنتَ تَتَزَنَّرُ بِيَديكَ، وتَسيرُ إِلى حَيثُ تشاء، فإِذا شِخْتَ بَسَطتَ يَدَيكَ، وشَدَّ غَيرُكَ لكَ الزُّنَّار، ومَضى بِكَ إِلى حَيثُ لا تَشاء. ١٩ قالَ ذلكَ مُشيرًا إِلى المِيتَةِ الَّتي سيُمَجِّدُ بِها الله. ثُمَّ قالَ له: اتَبْعني.

الحرب. اليوم ٢٦٧
"الرَّبُّ مِن عُلُوِّ قدسِه تَطلعَ ومِنَ السَّماءِ إِلى الأَرضِ نَظَر، لِيَسمعَ تَنَهُّدَ الأَسير ويُطلِقَ سَراحَ أَبْناءِ المَوت، حتَّى يُحَدَّثَ بِاْسمِ الرَّبِّ في صِهْيون وبِتَسْبِحَتِه في أُورَشليم" (مزمور ١٠٢: ٢٠-٢٢).
اللهم، ارحمنا. " مِن عُلُوِّ قدسِك تَطلَّعْتَ، يا رب، ومِنَ السَّماءِ إِلى الأَرضِ نَظَرْتَ، لِتَسمعَ تَنَهُّدَ الأَسير وتُطلِقَ سَراحَ أَبْناءِ المَوت". اللهم، تطلَّعْ من علُوّ قُدسِك، انظُرْ إلى الإنسان الذي صنَعْتَه مَقدِسًا لك. لقد دنَّسوه. إنه سجين ورهينة وأسير، ومعرَّض للموت ولكل أنواع المصائب. إلى متى، يا رب، تترك الناس في ضلالهم يعتدون على شريعتك وخليقتك، بحجة "حرب عادلة" يقومون بها، وليس فيها عدلك، بل ظلمهم؟ أي عدل في حرب إبادة شعب آخر؟ يا رب، تطلَّعْ من علُوّ سمائك، وانظُرْ إلى الإنسان الذي خلَقْتَه، وخلِّصْ القاتل من شر نفسه، وحرِّرْ المظلومين من ظلمه. ارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"وبَعدَ أَن فَطَروا قالَ يسوعُ لِسمْعانَ بُطرُس: يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني أَكثَرَ مِمَّا يُحِبُّني هؤلاء؟ قالَ لَه: نَعم يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُبًّا شَديدًا. قالَ لَه: ارعَ حُمْلاني. قالَ له مَرَّةً ثانِية: يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني؟ قالَ له: نَعم يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُبًّا شَديدًا؟ قالَ له: اسْهَرْ على خِرافي. قالَ له في المــَرَّةِ الثَّالِثة: يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني حُبًّا شَديدًا؟ فحَزِنَ بُطرُس لأَنَّه قالَ له في المــَرَّةِ الثَّالِثَة: أَتُحِبُّني حُبًّا شَديدًا؟ فقالَ: يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ كُلَّ شَيء، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُبًّا شَديدًا. قالَ له: ارْعَ خِرافي" (١٦-١٧).
عهد يسوع بالكنيسة إلى بطرس، لا لأي فضل فيه. بل لأن يسوع اختاره، فقط. أحبَّه واختاره. سيكون الرأس المنظور لتلاميذ يسوع، محل يسوع. وسيؤيده يسوع. في إنجيل اليوم، في آخر لقاء يسوع مع رسله، على شاطئ البحيرة، يسوع يطرح سؤالًا واحدًا: يا بطرس، أتُحِبُّني؟ إنه لا يذكِّرُه بخطاياه، بإنكاره له، برفضه أو عجزه عن فهم كلامه لما تنبأ يسوع بموته. سأله أمرًا واحدًا، مع علمه بضعفه: أتُحِبُّني؟ وأجاب بطرس من دون تردد: نعم، يا رب، أنت تعلم أني أحِبُّك.
ضعفنا وسقطاتنا وحُبُّنا في الكنيسة. هذا هو تاريخ الكنيسة مدى الأجيال. خطايا الناس وحب الله للناس، وحب الناس أيضًا لله، وحب الرسل وخلفائهم وكل المؤمنين.
على هذا بنى يسوع وحدة الكنيسة، على المؤمن والرسول الضعيف الذي يحِبّ، وعلى الله الذي يُحِبّ. وعلى صلاة يسوع: "يَا أَبَتِ القُدُّوسُ، احفَظْهُم بِاسمِكَ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي. لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحنُ وَاحِدٌ ... فَلْيَكُونُوا بِأَجمَعِهِم وَاحِدًا كَمَا أَنَّكَ فِيَّ، يَا أَبَتِ وَأَنَا فِيكَ. فَلْيَكُونُوا هُم أَيضًا فِينَا" (يوحنا ١٧: ١١ و٢١). وعلى إرادة يسوع: "ارعَ خرافي". يسوع الراعي الصالح، صعد إلى السماء، ويجب أن يكون لنا راعٍ على الأرض. فعهد يسوع بالرسالة إلى بطرس.
نحن أيضًا الكنيسة، نحن الأعضاء الحية في جسد المسيح الحي، نحن مدعوون للمشاركة في قداسة المسيح، نحن الذين نحمل ضعفنا في أنفسنا.
نحن في الكنيسة، ونحن الكنيسة، لنرافقَ رأس الكنيسة بصلاتنا ولنضعَه بين يدي الله الذي اختاره، نحن الكنيسة للصلاة من أجل الكنيسة، ومن أجل رأس الكنيسة ليؤيده الله، في عواصف البشرية الدائمة. نحن الكنيسة، نؤمن بالله، وبإرادته في كنيسته.
لنعترف بتواضع أننا مؤمنون ضعفاء، أننا آنية من فخار، ومع ضعفنا نحن مدعوُّون إلى القداسة، مدعوُّون إلى أن نؤمن ونرجو نُحِبّ، مع كل إخوتنا وأخواتنا، بقداستهم وخطاياهم. كلنا مدعُوُّون إلى أن نسير معًا يؤيدنا الله بنعمته.
ربي يسوع المسيح، في هذا اليوم الذي نحتفل فيه بذكرى القديسين بطرس وبولس، اللذين اخترتهما لتبني كنيستك، أعطنا أن نقبل إرادتك في كل إخوتنا وأخواتنا، في الرأس وفي الأعضاء. وشدِّدْنا كل واحد منّا في رسالتنا، في الرسالة التي كلَّفْتَنا بها. آمين.
السبت ٢٩/٦/ ٢٠٢٤ بعد الأحد الثاني عشر من زمن السنة/ب