رجل يسكنه روح شرير، أصمّ أخرس، شفاه يسوع - متى ٩: ٣٢-٣٨

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس

٣٢ وما إِن خَرَجا حتَّى أَتَوه بِأَخرَسَ مَمسُوس. ٣٣ فلَمَّا طُرِدَ الشَّيطانُ تَكَلَّمَ الأَخرَس، فأُعجِبَ الجُموعُ وقالوا: «لَمْ يُرَ مِثْلُ هٰذا قَطُّ في إِسْرائيل!» ٣٤ أَمَّا الفِرِّيسيُّونَ فَقالوا: «إِنَّه بِسَيِّدِ الشَّياطين يَطْرُدُ الشَّياطين. ٣٥ كانَ يسوعُ يَسيرُ في جَميعِ المــُدُنِ والقُرى يُعَلِّمُ في مَجامِعِهم ويُعلِنُ بِشارةَ المـَلَكوت ويَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة. ٣٦ورَأَى الجُموعَ فأَخذَتهُ الشَّفَقَةُ علَيهم، لِأَنَّهم كانوا تَعِبينَ رازِحين، كَغَنَمٍ لا راعِيَ لَها. ٣٧فقالَ لتَلاميذِه: «الحَصادُ كَثيرٌ، ولٰكِنَّ العَمَلَةَ قَليلون. ٣٨فٱسأَلوا رَبَّ الحَصادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إِلى حَصادِه.

رجل يسكنه روح شرير، أصمّ أخرس، شفاه يسوع - متى ٩: ٣٢-٣٨

الحرب. اليوم ٢٧٧

"أَيُّها السَّيِّد، كُنتَ لَنا مَلْجَأً جيلًا فجيلًا. مِن قَبلِ أَن وُلِدَتِ الجِبال، وكَوَّنتَ الأَرضَ والدُّنيا، مِنَ الأَزَلِ ولِلأَبَدِ أَنتَ الله. تُعيدُ الإِنسانَ إِلى الغُبار، وتقول: «عودوا يا بَني آدَم" (مزمور ٩٠: ١-٣).

ارحمنا، يا رب. "أَيُّها السَّيِّد، كُنتَ لَنا مَلْجَأً جيلًا فجيلًا". مهما صنع الناس، أنت إلهنا وأبونا وملجأنا. مهما صنع الناس في غزة ورفح، يوجد أناس صالحون يبحثون عنك، ويعملون من أجل الحقيقة والسلام. أيِّدْهم، يا رب. أنت إلهنا، وأنت أبونا، وبين يديك نضع حاضرنا ومستقبلنا، وحربنا وسلامنا. ستخلِّصنا. وستنجِّينا من الشرير. ارحمنا، يا رب.

إنجيل اليوم

"وما إِن خَرَجا حتَّى أَتَوه بِأَخرَسَ مَمسُوس. ٣٣ فلَمَّا طُرِدَ الشَّيطانُ تَكَلَّمَ الأَخرَس، فأُعجِبَ الجُموعُ وقالوا: «لَمْ يُرَ مِثْلُ هٰذا قَطُّ في إِسْرائيل!» ٣٤ أَمَّا الفِرِّيسيُّونَ فَقالوا: «إِنَّه بِسَيِّدِ الشَّياطين يَطْرُدُ الشَّياطين" (٣٢-٣٤).

رجل يسكنه روح شرير، أصمّ أخرس، شفاه يسوع. الذين يرون سبحوا الله لِمَا رأوا، أما العميان فقالوا: "الشيطان بيننا".

منحنا الله القدرة لأن نرى، يمكن أن نفقدها، إذا ما بقينا في "رفض البشرية العام" لرؤية الله. يقولون: لا نريد أن نرى الله، فيرون الشيطان.

شئنا أم أبينا، يوجد مَن هو فوقنا على هذه الأرض، الله موجود على الأرض، ويرافقنا. إن بقينا في الصلاح الأصلي الذي خلقنا الله فيه، نراه ونسبِّحُه. أما إن فقدنا البصر، وفقدنا صلاحنا الأصلي، فيصير الله غير مَرئِيٍّ لنا. وأسوأ من ذلك نقول كما قال الفريسيون: «إِنَّه بِسَيِّدِ الشَّياطين يَطْرُدُ الشَّياطين".

أن نرى أم أن نكون عميانًا، نحن نقرر. أن نبقى قادرين على رؤية أعمال الله ونشكر الله، أم نكون غير قادرين، نحن نقرر. الإنسان المتحد بأبيه الذي في السماء، يرى صلاح الأرض، ويعيش في صلاح الأرض، مع كل إخوته وأخواته. وحده، من دون الله، تصير الأرض وادي دموع، وأرض حروب وأمراض ا لا تُشفَى.

الله موجود، ويحبنا، ويشفينا. لهذا يسوع كلمة الله صار شبيهًا بنا، ورفيقنا لنا على الأرض، حتى يشفينا، ويؤيدنا في الصلاح، ويحفظنا قادرين على النظر.

"وكانَ يسوعُ يَسيرُ في جَميعِ المــُدُنِ والقُرى يُعَلِّمُ في مَجامِعِهم ويُعلِنُ بِشارةَ المَلَكوت ويَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة. ٣٦ورَأَى الجُموعَ فأَخذَتهُ الشَّفَقَةُ علَيهم، لِأَنَّهم كانوا تَعِبينَ رازِحين، كَغَنَمٍ لا راعِيَ لَها. ٣٧فقالَ لتَلاميذِه: «الحَصادُ كَثيرٌ ولٰكِنَّ العَمَلَةَ قَليلون. ٣٨فٱسأَلوا رَبَّ الحَصادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إِلى حَصادِه" (٣٥-٣٨).

كان يسوع يسير في المدن والقرى يعظ بالملكوت ويشفي كل مرض وعلة. يسوع، اليوم أيضًا، بيننا وفي الإنسانية كلها. لكن، كما كان في زمنه، اليوم أيضًا، البعض يرونه، ويفهمونه في بساطتهم ويقبلون صلاحه، والبعض منغلقون على أنفسهم، في شر أنفسهم، لا يرون إلا الشر على الأرض... فاقدي البصر، عاجزين عن رؤية الله.

ومع ذلك، يسوع "تأخُذُهُ الشَّفَقَةُ عَلَيْنَا" جميعًا. وهذا أساس رجائنا بالرغم من كل شرور البشرية. ستُشفَى وسنُشفَى. لأن يسوع يشفق علينا. وهو يصلي حتى لا يهلك أحد، وحتى ينال كل واحد الحياة الأبدية.

"فٱسأَلوا رَبَّ الحَصادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إِلى حَصادِه". اسألوا الآب. هو القادر على كل شيء. هو يقدر أكثر مما نقدر. فلا نحوِّل الأشياء والصعاب إلى هموم، بل حوِّلوا كل شيء إلى صلاة. لا تحملوا أي ثقل، وحدكم، ولا أيَّ هَمّ. ضعوا كل شيء بين يدي الله، أبيكم. هو الذي يدبر كل شيء، وينظم كل شيء، ويخلِّص كل شيء، حتى ولو كانت المظاهر عكس ذلك، حتى ولو كان شر الناس هو الطاغي، الكلمة الأخيرة هي لصلاح الله.

ربي يسوع المسيح، أنت دائمًا معنا. بالرغم من هذا، فنحن نختار مرارًا أن نكون وحدنا، وأن نحمل همومنا وحدنا، مع أنَّ العمل الذي أرسلتنا له هو مشروع لك، وليس لنا. أعطنا أن نضع كل شيء بين يديك، وأن نثق بك، ونطمئن إليك. ما لا نقدر أن نعمله نحن، أنت تقدر أن تعمله. آمين.

الثلاثاء ٩/٧/ ٢٠٢٤              بعد الأحد الرابع عشر من زمن السنة/ب