ذبـولُ السَّـفـرجـلِ القـديـم
الكاتب : د. يوسف حنا – الناصرة – طبيب ومترجم وشاعر
ما زلتُ أَراكِ
واقفةً مثل ذاك الحين،
في ليلٍ ماطر
تطلّين من نافذةِ العالم
تحلمينَ بعيونٍ غرقتْ بغبشِ السنين
وتريْنَني على ماءٍ رغويّ
أَحتضرُ مُسمَّراً على خشبتي
تطلّينَ بوجهٍ كجناحِ بجعةٍ:
ــ ما بكَ يا بُنيّ؟ يا قطعة من روحي!
ــ يبدو لي أن شخصاً غريباً يعصرُ القمرَ
دمعةً كبيرةً فوقي..
أَنا لا أَعرفُ ماذا أَقول،
الأَلمُ العميقُ يجعلُني أَتحجَّر.
طائرٌ أَعماهُ الظلامُ
يضربُ نافذتي، أَسمعُه يقول:
"لستَ أَنت، أَين أَنتَ يا صاح؟
العنادلُ تغنّي لكَ طوالَ الليل،
لِما أَظلَمَتْ عيناك؟"
لا أَعرفُ ماذا أَقول، أَنا أَصمّ.
وهو قريبٌ جدًا من أَنفاسي
مثلُ تمثالٍ زجاجيٍّ من وهم
لا ترى من خلالِه عيناي.
لا يأتيكِ النومُ
ولا أَهفو إلى نومٍ
منكِ يأتيني الليلُ
إِلى نوافذي المعزولةِ،
وطيورٌ غريبةٌ مِلْحاحَةٌ
بعيونٍ من دموعٍ وجواهر.
من وقتٍ لآخر، يسقطُ نجمٌ
وتطعنُني الغابةُ في زاويةِ القلبِ
تحتَ ذبولِ السَّفرجلِ القديم.