تنازل الله وجاء إلينا.. الله يحبنا - يوحنا ٦: ٤١-٥١
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح، بطريرك اللاتين الأسبق في القدس
٤١فتَذَمَّرَ اليَهودُ علَيه لِأَنَّه قال: «أَنا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء»، ٤٢وقالوا: «أَلَيسَ هٰذا يسوعَ بنَ يُوسُف، ونَحنُ نَعرِفُ أَباهُ وأُمَّه؟ فكَيفَ يَقولُ الآن: إِنِّي نَزَلتُ مِنَ السَّماء؟» ٤٣أَجابَهم يسوع: «لا تَتَذمَّروا فيما بَينَكم. ٤٤ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يُقبِلَ إِلَيَّ إِلَّا إِذا اجتَذَبَه الآبُ الَّذي أَرسَلَني. وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير. ٤٥كُتِبَ في أَسفارِ الأَنبِياء: وسيَكونونَ كُلُّهم تَلامِذَةَ الله. فكُلُّ مَن سَمِعَ لِلآب وتَعَلَّمَ مِنه أَقبَلَ إِليَّ. ٤٦وما ذٰلِكَ أَنَّ أَحَدًا رأَى الآب سِوى الَّذي أَتى مِن لَدُنِ الآب فهو الَّذي رأَى الآب.
٤٧الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: مَن آمَنَ فلَهُ الحَياةُ الأَبَدِيَّة. ٤٨أَنا خُبزُ الحَياة. ٤٩ آباؤُكُم أَكَلوا المــَنَّ في البَرِّيَّة ثُمَّ ماتوا. ٥٠إِنَّ الخُبزَ النَّازِلَ مِنَ السَّماء هوَ الَّذي يأكُلُ مِنه الإِنسانُ ولا يَموت. ٥١أَنا الخُبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء: مَن يَأكُلْ مِن هٰذا الخُبزِ يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي سأُعْطيه أَنا هو جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم.
الحرب. اليوم ٣١٠
"أَمَّا أَنا فإِلَيكَ صَلاتي، في أَوانِ الرِّضى، يا رَبِّ. فاستَجِبْ لي بِكَثرَةِ رَحمَتِكَ، وبِحَقّ خَلاصِكَ. أَنقِذْني مِنَ الوَحْلِ فلا أَغرَق، نَجِّني مِن مُبغِضِيَّ ومِن قَعْرِ المِياه" (مزمور ٦٩: ١٤-١٥).
ارحمنا، يا رب. أما حان " أَوانُ الرِّضى، يا رَبِّ" لغزة، ولكل هذا البلد الذي دمَّرته الحرب. "استَجِبْ لنا بِكَثرَةِ رَحمَتِكَ، وبِحَقِّ خَلاصِكَ". استجب، يا رب، لا لاستحقاق منَّا، بل لِكَثرَةِ رَحمَتِكَ. ربي وإلهي، إني أضُمُّ إلى صليبك كل آلام الرجال والنساء والأطفال في غزة، تقبَّلها، يا رب. قدِّسها بصليبك. اغفر يا رب، وارحم. - بعض كبار هذا العالم والمسؤولين عن الحرب، في العالم بدأوا يقولون: حان الوقت لإنهاء هذه الحرب. أيدهم، يا رب. وألهِم أو أزل المكابرين. استجب، يا رب. سَرِّعْ "ساعة الرضى" في غزة وفي هذه الأرض، بحق حبك، يا رب. استجب وارحمنا، يا رب.
إنجيل اليوم
"فتَذَمَّرَ اليَهودُ علَيه لِأَنَّه قال: «أَنا الخُبزُ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء»، وقالوا: «أَلَيسَ هٰذا يسوعَ بنَ يُوسُف، ونَحنُ نَعرِفُ أَباهُ وأُمَّه؟ فكَيفَ يَقولُ الآن: إِنِّي نَزَلتُ مِنَ السَّماء؟» (٤١-٤٢).
الجدال مع الله؟ المخاصمة مع يسوع؟ نعم، لم يكونوا يعرفونه. بالرغم من الآية الكبرى التي صنعها، وغيرها من الآيات، بالرغم من كلامه "لَم يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ بِمِثلِ هَذَا الكَلَام". لكنهم لم يريدوا، ولهذا لم يقدروا أن يعرفوه، ويؤمنوا به.
ونحن؟ نحن أيضًا أحيانًا نجادل مع الله، نظُنّ أنَّ عِلْمَنا كثير، لربما من غير وعي. لسنا دائمًا واضحين مع أبينا الذي في السماء.
قال يسوع: "إِنِّي نَزَلتُ مِنَ السَّماء". تنازل الله وجاء إلينا. الله يحبنا. ولا يتركنا. يريد أن يخلِّصنا. ويريدنا أن نسكن في نوره، وأن نكون معه. قال لنا القديس بولس: "اقتَدوا إِذًا بِاللهِ شَأنَ أَبْناءٍ أَحِبَّاء" (أفسس ٥: ١). نعم، نقتدي بالله. نزل الله من السماء، لنستقبله، ولنأخذ مأخذ الجد كل تعاملنا مع الله.
نحن من الأرض وعلى الأرض، منشغلون، غارقون في أفراح الأرض وأحزانها، وفي نجاحاتها وفشلها. وفي مآسيها. وفي بعض صلاحها. الله أكبر وأسمى من كل ذلك. هو الذي يستحق انتباهنا.
"أَجابَهم يسوع: «لا تَتَذمَّروا فيما بَينَكم. ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يُقبِلَ إِلَيَّ إِلَّا إِذا اجتَذَبَه الآبُ الَّذي أَرسَلَني. وأَنا أُقيمُه في اليَومِ الأَخير. كُتِبَ في أَسفارِ الأَنبِياء: وسيَكونونَ كُلُّهم تَلامِذَةَ الله. فكُلُّ مَن سَمِعَ لِلآب وتَعَلَّمَ مِنه أَقبَلَ إِليَّ. وما ذٰلِكَ أَنَّ أَحَدًا رأَى الآب سِوى الَّذي أَتى مِن لَدُنِ الآب فهو الَّذي رأَى الآب. الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: مَن آمَنَ فلَهُ الحَياةُ الأَبَدِيَّة" (٤٣-٤٧).
في شؤون الله، لا نقدر شيئًا، إن لم يجتذبنا هو. إن تنبَّهْنا لشؤون الله، بالرغم من عدم استحقاقنا، بالرغم من غيابنا عن أنفسنا وعن شؤون الله، يجب أن نحمد الله ونستجيب لكل ما يقدِّمه لنا. يجذبنا الله إليه لنقوم في اليوم الأخير، وأيضًا لنقوم كل يوم من الموت الذي يملأ الأرض، ويملأ نفسي مرارًا. أقوم من الموت، لأكون من أبناء الحياة والنور، ابنًا لله.
"سيَكونونَ كُلُّهم تَلامِذَةَ الله". نعرف بعض الشيء، نعرف القليل، لكن سنعرف الكثير، إن قبلنا أن يعلِّمنا الله. الإصغاء إلى الله. تلامذة لله، الله يعلِّمنا. "سيَكونونَ كُلُّهم تَلامِذَةَ الله". هذه حقيقية يجب أن أفكر فيها.
يسوع وحده "رأَى الآب ... ومَن آمَنَ فلَهُ الحَياةُ الأَبَدِيَّة". يسوع ابن الله الحي رأى الآب. هو والآب واحد. أزلي مع الآب. ويسوع صار إنسانًا، مثلنا، فصار بكرنا، أخانا، شبيهًا بنا، حتى نصير شبيهين به: فنرى الآب، مثله، وتكون لنا الحياة الأبدية مثله، هنا، على الأرض. فندخل أبدية الله، ونحن هنا على الأرض الفانية، في أفراحها وشقائها.
ربي يسوع المسيح، نزلت من السماء لتعلِّمني، لتنشر حبك على الأرض، لتفيض فيها صلاحك، بدل مساوئ البشر الكثيرة. ربي يسوع المسيح، ارحمنا. علِّمْنا. أدخلنا في نورك، وكما مررت بالأرض تعمل الخير بالرغم من كل مساوئ الأرض، أعطني أنا أيضًا أن أعمل الخير، أن أعمل في النور الذي يشفي وينقي أفراح الأرض ومآسيها. آمين.
الأحد ١١/٨/ ٢٠٢٤ الأحد ١٩ من السنة/ب