تقدمة يسوع إلى الهيكل - لوقا ٢: ٢٢-٤٠

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

٢٢ولـمَّا حانَ يَومُ طُهورِهما بِحَسَبِ شَريعَةِ موسى، صَعِدا بِه إِلى أُورَشَليم لِيُقَدِّماه لِلرَّبّ، ٢٣ كما كُتِبَ في شَريعةِ الرَّبِّ مِن أَنَّ كُلَّ بِكرٍ ذَكَرٍ يُنذَرُ لِلرَّبّ، ٢٤ ولِيُقَرِّبا كما وَرَدَ في شَريعَةِ الرَّبّ: زَوْجَيْ يَمَامٍ أَو فَرخَيْ حَمام. ٢٥ وكانَ في أُورَشَليمَ رَجُلٌ بارٌّ تَقيٌّ اسمُه سِمعان، يَنتَظرُ الفَرَجَ لإِسرائيل، والرُّوحُ القُدُسُ نازِلٌ علَيه. ٢٦ وكانَ الرُّوحُ القُدُسُ قد أَوحى إِلَيه أَنَّه لا يَرى الموتَ قَبلَ أَن يُعايِنَ مَسيحَ الرَّبّ. ٢٧ فأَتى الـهَيكَلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح. ولـمّا دَخَلَ بِالطِّفلِ يَسوعَ أَبَواه، لِيُؤَدِّيا عَنهُ ما تَفرِضُه الشَّريعَة، ٢٨ حَمَله عَلى ذِراعَيهِ وَبارَكَ اللهَ فقال: الآنَ تُطلِقُ، يا سَيِّد، عَبدَكَ بِسَلام، وَفْقًا لِقَوْلِكَ

تقدمة يسوع إلى الهيكل - لوقا ٢: ٢٢-٤٠

٣٠ فقَد رَأَت عَينايَ خلاصَكَ ٣١ الَّذي أَعدَدَته في سبيلِ الشُّعوبِ كُلِّها ٣٢ نُورًا يَتَجَلَّى لِلوَثَنِيِّين ومَجدًا لِشَعْبِكَ إِسرائيل. ٣٣ وكانَ أَبوه وأُمُّهُ يَعجَبانِ مِمَّا يُقالُ فيه. ٣٤ وبارَكَهما سِمعان، ثُمَّ قالَ لِمَريَمَ أُمِّه: ها إِنَّه جُعِلَ لِسقُوطِ كَثيرٍ مِنَ النَّاس وقِيامِ كَثيرٍ مِنهُم في إِسرائيل وآيَةً مُعَرَّضةً لِلرَّفْض. ٣٥ وأَنتِ سيَنفُذُ سَيفٌ في نَفْسِكِ لِتَنكَشِفَ الأَفكارُ عَن قُلوبٍ كثيرة. ٣٦ وكانَت هُناكَ نَبِيَّةٌ هيَ حَنَّةُ ابنَةُ فانوئيل مِن سِبْطِ آشِر، طاعِنَةٌ في السِّنّ، عاشَت مَعَ زَوجِها سَبعَ سَنَواتٍ ٣٧ ثُمَّ بَقِيَت أَرمَلَةً فَبَلَغَتِ الرَّابِعَةَ والثَّمانينَ مِن عُمرِها، لا تُفارِقُ الـهَيكَل، مُتَعَبِّدَةً بِالصَّومِ والصَّلاةِ لَيلَ نَهار. ٣٨ فحَضَرَت في تِلكَ السَّاعَة، وأَخَذَت تَحمَدُ الله، وتُحَدِّثُ بِأَمرِ الطِّفلِ كُلَّ مَن كانَ يَنتَظِرُ افتِداءَ أُورَشَليم. ٣٩ ولَـمَّا أَتَمَّا جَميعَ ما تَفرِضُه شَريعَةُ الرَّبّ، رَجَعا إِلى الجَليل إِلى مَدينَتِهِما النَّاصِرة. ٤٠ وكانَ الطِّفْلُ يَتَرَعَرعُ ويَشتَدُّ مُمْتَلِئًا حِكمَة، وكانت نِعمةُ اللهِ علَيه.

       الحرب ١١٨

        "وَهَنْتُ جِدًّا وانسَحَقْتُ، ومِن زَئيرِ قَلْبي زَمجَرتُ. أيها السّيد، بُغيَتي كلها أَمامَك وتنهدي لا يَخفى عليك. لأّنِّي إِيَّاكَ رَجَوتُ، يا رَبّ، وأَنتَ تُجيبُ، أَيُّها السَّيِّدُ إِلهي. لا تَترُكْني، أيُّها الرَّبُّ إِلهي ولا تَتَباعَدْ عنِّي. أَسرعْ إلى نُصْرتي، أَيُّها السَّيِّدُ خَلاصي" (مزمور ٣٨: ٩-١٠و١٦ و٢٢-٢٣).

        "وَهَنْتُ جِدًّا واْنسَحَقْتُ". هذه هي حالنا، يا رب. هذه هي حال غزة. إننا نرجوك، يا رب. إليك نلتجئ. إننا، ولو وقعنا في الموت فإنك تقيمنا. يا رب، ارحم. أنت أبونا، ونحن أبناؤك. لا تتركنا، يا رب. قل لهم أن يوقفوا هذه الحرب. بدِّلْ قلوبهم. يا رب، ارحم. ارحم الذين يموتون، والذين يُعذَّبون، وكل المهجَّرين، وارحم آلاف الأسرى... يا رب، اجعل الإنسان يتوب، اجعله يعود إلى إنسانيته، ويعرف أنك خلقْتَه لا ليصنع الحرب، بل ليُحِبّ، ليُحِبَّك ويُحِبَّ جميع إخوته. يا رب، ارحم.  

     

   إنجيل اليوم

        اليوم عيد تقدمة يسوع إلى الهيكل. تقدمته إلى أبيه. صار إنسانًا. ومريم ويوسف يتممان معه كل ما تقضي به الشريعة: كل بِكرٍ ذَكَرِ يُقدَّم لله، أو يُفدَى بتقدمة ذبيحة عنه. وقدم يوسف ومريم الفدية الرمزية عن يسوع، زوجي يمام، ومع ذلك سيكون هو الذبيحة، الذي يتمم كل الرموز. سيقدم حياته حقَّا. سيموت حقًّا، ليفدي البشرية. الإنسان الخاطئ هو الذي يستحق الموت. وسيموت إنسان بارٌّ عن جماعة الخطأة، كما قال القديس بولس. الخاطئ نفسه يجب أن يموت. ولهذا سيموت إنسان بارٌّ عن كل إنسان خاطئ. سيموت يسوع المسيح الإنسان الحق والإله الحق، ليفدي البشرية كلها. فتتوقف عندئذٍ ذبائح الحيوانات. وتتوقف الشريعة نفسها: لن يكون من الضروري فدية الذَّكَرِ البِكر بتقدمة حيوانات عنه. لأن يسوع الإنسان والإله، لأن يسوع البارَّ، الإله والإنسان، مات عن الجميع. فلا حاجة لذبائح حيوانية بعد الآن، فدية عن الإنسان.

        يسوع قدَّمه يوسف ومريم في الهيكل إلى الله، ليكون لله، وليكون في شؤون الله، وليكفر عن البشرية كلها، لا برموز بل بذبيحة نفسه.

        تقدمة يسوع. وتقدمة أنفسنا لله. وتكريس أنفسنا لله. نحن أيضًا نكفِّر عن أنفسنا، نقدم إلى الله يسوع الذي مات من أجلنا، ومعه نموت. ونعترف بأننا بكليتنا لله، بكل ما فينا، من أشواق وأفكار وأقوال وأعمال، بكل مقدرتنا على المحبة، أو نقضها، كلنا لله.

        مكرسون لله. نموت مع يسوع على الصليب. ومعه نعطي كل شيء لله. كلنا لله خالقنا، لنكون كلنا لإخوتنا.

        مكرسين، كل ما فينا مِلْك لله. لسنا بعد لأنفسنا، بل لله ولإخوتنا.

        نعيد التفكير في تقدمة أنفسنا لله. نحن لله ولإخوتنا، وجزء من موت يسوع لفداء البشرية: مات من أجلنا جميعًا، ومن أجل خلاصنا. ولما كرَّسنا أنفسنا لله، قدَّمنا أنفسنا لنموت مع يسوع.

        نحن أيضًا مع يسوع نموت من أجل الجماعة. نحيا ونموت معه. ومعه نحمل صلبان حياة الإنسانية.

        تكريس أنفسنا لله، تكريس لشؤون الله، وللمساهمة في عمل الفداء والتكفير، للموت مع يسوع.

        مكرس في كل حياتي، وفي كامل حياتي، أقدم ذاتي عطية كاملة لله ولإخوتي، ولإخوتي في كل ظروفهم، في أفراحهم، وفي أحزانهم، وفي ظروف الحرب، ومعهم مسحوقين، معهم مشردين، معهم بلا علاج ولا طعام، ومعهم في كل شدة. مكرس لله ولكل أبناء الله.

        ربي يسوع المسيح، صرتَ إنسانًا مثلنا، مع بقائك إلهًا، وأحببتنا حتى بذلت حياتك من أجلنا. امنحني القوة لأعطي نفسي عطاء كاملًا، لك ولإخوتي، في كل ظروف الحياة، في اللين وفي الشدة. آمين.

        الجمعة ٢/٢/ ٢٠٢٤               بعد الأحد الرابع من السنة/ب