الصلاة خيرٌ من النّوم
الكاتب : أشخين ديمرجيان
اسهروا وصلّوا لئلاّ تقعوا في التجربة. الروح مُندفع وأمّا الجسد فضعيف" من أقوال السيّد المسيح (متّى 26: 41، مر 14: 38). حينما نُصلّي تكتنفنا لمسة من روح الله، وفيضٌ من ذاته الالهيّة.
الصلاة ليست أصواتاً وكلمات تخرج من الشّفاه والحناجر، بل هي هَمْس ملائكيّ يربطنا بذواتنا... فنغرق في عالم الرّوح شاعرين بانتعاشة وولادة جديدة، بسبب اتحادنا وجدانياً بالله...
مع الصلاة الصادقة تتغيّر مسيرتنا في الحياة، ويتبدّد كلّ ما يُراودنا من خوف وقلق ويأس وغضب وكلّ ما هنالك من مشاعر ورغبات سلبيّة... ويُحيط بنا قبس من نور يعكس على نفوسنا الدفء ويحجب عنّا الظلام، ويغسل الأدران والأوحال المُكَدّسَة في داخلنا، وتنشرح صدورنا برحمة الله وغفرانه، فنختبر حقائق الحياة ونشاهد الكون بمنظار جديد.
ومع مرور الزمن، تفوح من عمق أعماقنا رائحة البخور لترسم ملامح وجوهنا بالعذوبة والجمال. فالصلاة تُضفي على المحيّا جمالاً روحانيّاً مُمَيّزاً، ولا يتمتّع بتلك الصّبغة الجميلة أولئك الذين لا يُصلّون، مهما كانت ملامح وجوههم مُتناسقة. ولكلّ مَن يتساءل قائلاً: "ما بالُ المُتعبّدين أجمل الناس وجوهاً؟ " يكون جواب أهل الزهد (والذين لديهم خبرة طويلة وعميقة جداً في الحياة الروحانيّة): "لأنّهم اختلَوا بالرّحمان فألبَسَهُم جمالاً من فيض جماله الفريد.." !
كما أنّ الله عزّ وجلّ يُكافىء ذوي القلوب الطاهرة، الذين يبحثون فقط عن مَرضاته تعالى، ويمتنعون عن كلّ أمر يسوء في نظره. وهم بملء الحسرة والتوجّع يستنكرون ويرفضون أيّة إهانة تَلحق بالعرش الإلهي. وما المانع بأن نتشبّه بهؤلاء الصالحين، فتمتلىء حياتنا بالسلام والفرح وسط زوابع الزمن العاصفة. وهذا ما حصل بالحرف الواحد مع السّيّد المسيح ورسله عندما لطمت العواصف الهوجاء السّفينة، وقام المسيح بتهدئة الأمواج العاتية.
يحمل بعض القوم فكرة خاطئة عنه تعالى بأنّه "يُلبّي كلّ طلبات الناس" ... فكرة تؤدّي إلى تعرّض هؤلاء إلى صدمة، في حال عدم تلبيته حاجاتهم عند الضرورة. ولا يمتلك هؤلاء الناس ولو النزر اليسير من بُعد النظر، ليفكّروا بأنّ الله عزّ وجلّ، أحياناً لا يُلبّي رغباتنا، لأنّه على يقين بأنّ تلك الأشياء لا تعود علينا بالفائدة على المدى البعيد، أو لأنّها تسبّب لنا الضرر والأذى.
صلاة الطلب جيّدة ولكنّها ينبغي ألاّ تكون الصلاة الوحيدة التي نرفعها إلى الله، بل أن تصحبها يوميًا صلوات الشكر والتسبيح والاستغفار. حبّذا لو نرفع قلوبنا إلى الله حينما يفيض علينا وعلى أهل بيتنا الخيرات والنّعم. ونتذكّره في الأفراح والليالي المِلاح التي تواكب حياتنا، فهي تُمثّل جزءًا بسيطاً من رعايته وحنوّه لنا أجمعين.
نحن بحاجة إلى لمسة من روح الله... لنصلِّ ولنُعَبّرنّ للباري تعالى عن مكنونات قلوبنا.. وإنْ فَعَلناَ، فطوبى لناَ! لأننا ننال رضاه ويُلبسنا قبسَا من نوره... طوبانا! لأنّه الوحيد الأوحد الذي يروي ظمأ أرواحنا!
خاتمة:
كتب القديس أوغسطينوس في أوّل "اعترافاته": " قلوبنا قلقة إلى أن تجد فيك، اللهمّ، راحتها".