الشجرة الطيّبة تثمر ثمرًا طيِّبًا - لوقا ٦: ٤٣-٤٩

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"يُشبِهُ رَجُلًا بَنَى بَيتًا، فَحَفَرَ وَعَمَّقَ الحَفرَ، ثُمَّ وَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخرِ. فَلَمَّا فَاضَتْ المـِيَاهُ اندَفَعَ النَّهرُ عَلَى ذَلِكَ البَيتِ، فَلَم يَقوَ عَلَى زَعزَعَتِهِ لِأَنَّهُ بُنِيَ بِنَاءً مُحكَمًا" (٤٨).

الشجرة الطيّبة تثمر ثمرًا طيِّبًا - لوقا ٦: ٤٣-٤٩

 

٤٣.  ما من شجرة طيبة تثمر ثمرًا خبيثا، ولا من شجرة خبيثة تثمر ثمرًا طيِّبًا. 

٤٤. فكل شجرة تعرف من ثمرها، لأنه من الشوك لا يُجنَى تين، ولا من العُلَّيْق يُقطَفُ عنب. 

٤٥.  الإنسان الطيب من الكنز الطيب في قلبه يخرج ما هو طيب، والإنسان الخبيث من كنزه الخبيث يخرج ما هو خبيث، فمن فيض قلبه يتكلم لسانه.

٤٦. لماذا تدعونني: يا رب، يا رب! ولا تعملون بما أقول؟ 

٤٧. كل من يأتي إليَّ ويسمع كلامي فيعمل به، سأبيِّنُ لكم من يشبه: 

٤٨. يشبه رجلًا بنى بيتا، فحفر وعمق الحفر، ثم وضع الأساس على الصخر. فلما فاضت المياه اندفع النهر على ذلك البيت، فلم يَقوَ على زعزعته لأنه بُنِيَ بناء مُحكَمًا. 

٤٩. وأما الذي يسمع ولا يعمل، فإنه يشبه رجلًا بنى بيتًا على التراب بغير أساس، فاندفع النهر عليه فانهار لوقته، وكان خراب ذلك البيت جسيمًا.

 

       "مَا مِن شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ تُثمِرُ ثَمَرًا خَبِيثًا، وَلَا مِن شَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ تُثمِرُ ثَمَرًا طَيِّبًا" (٤٣). 

       الشجرة الطيّبة تثمر ثمرًا طيِّبًا. الله هو الصلاح. ومنه كل صلاح. ونحن على صورته، وإن أردنا، يمكن أن نكون صالحين مثله. ويجب أن نريد ذلك. فنصنع الصلاح بما أن الله خلقنا صالحين، ونكون شجرة طيِّبة تحمل ثمرًا طيّبًا. يمكن أن نضعف، يمكن أن نستاء، يمكن أن نغضب، ويمكن أن نسيء إلى إخوتنا. يمكن أن نصير شجرة خبيثة، ونصنع شرًّا كثيرًا. يجب أن نبقى ساهرين حتى نعرف ماذا نصير، وماذا نعمل. حتى لا نصير شجرة خبيثة. حتى لا نبتعد عن الله ولا نسيء إلى إخوتنا، وإلى أنفسنا أيضًا.

       الله منبع كل صلاح خلقنا صالحين، فلنبقَ صالحين بقوة الصلاح الذي منحنا إياه الله. إخوتنا بحاجة إلينا، صالحين، حتى نساعدهم ليبقوا هم أيضًا صالحين، كما خلقهم الله.

       "الإنسَانُ الطَّيِّبُ مِن الكَنزِ الطَّيِّبِ فِي قَلبِهِ يُخرِجُ مَا هُوَ طَيِّبُ" (٤٥). في قلبنا، في أعماق كياننا، لنحتفظ     بما منحنا إياه الله، حتى نعطي بدورنا من الكنز الذي وضعه الله في قلبنا. يقول لنا القديس بولس: إنّا نحمل كنزنا "في إناء من خزف"، قابل للانكسار، قابل للوقوع. لنصلِّ حتى يحفظنا الله بقدرة حبه، أمناء أقوياء في حبه، فنكون شجرة طيبة تعطي ثمرًا طيِّبًا. ولا ننسَ، ولا نضلّ فنذهب بعيدًا عن أبينا، ولا نملأْ قلبنا بأمور غير التي وضعها الله أبونا فيه.

       "لِمَاذَا تَدعُونَنِي: يَا رَبّ، يَا رَبّ! وَلَا تَعمَلُونَ بِمَا أَقُولُ؟" (٤٦). 

       أن نؤمن وأن نُحِبّ، يعني أن نعمل بما علَّمنا إياه يسوع، وبما أمرنا أن نعمله. قال لنا يسوع: بهذا يعرفون أنكم تلاميذي إن أحببتم بعضكم بعضًا، كما أحببتكم أنا.

       أن نؤمن وأن نحب، يعني أن نعمل بمشيئة الله. يعني أن نحِبَّ بمثل حُبّ الله. أن نتلو الصلوات الكثيرة، ونقوم بممارسات تقوية كثيرة، كل هذا جيد، لكنه لا يكفي. أن نؤمن وأن نحب، هو أن نحب بمثل حب الله. الله عالٍ جدًّا؟ نعم، لكنه رفعنا إليه بصليب ربنا يسوع المسيح. فيمكننا أن نُحِبَّ مثله، وأن نغفر مثله، وأن نعطي كل شيء، مثله، وألا ننتظر شيئًا من خيرات الأرض، لا ننتظر شيئًا سواه.

       من يعمل بما قال يسوع، يُحِبّ بمثل حُبِّ الله. فيسير في الحقيقية. ويبني بيته على الصخر. إيمانه وحبه مبنيَّان على الصخر.

       "يُشبِهُ رَجُلًا بَنَى بَيتًا، فَحَفَرَ وَعَمَّقَ الحَفرَ، ثُمَّ وَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخرِ. فَلَمَّا فَاضَتْ المـِيَاهُ اندَفَعَ النَّهرُ عَلَى ذَلِكَ البَيتِ، فَلَم يَقوَ عَلَى زَعزَعَتِهِ لِأَنَّهُ بُنِيَ بِنَاءً مُحكَمًا" (٤٨). 

       ربي يسوع المسيح، أعطني أن أبني إيماني على الصخر. أعطني أن أُحِبَّ بمثل حُبِّكَ أنت. أعطني أن أبقى شجرة طَيِّبة، كما خلقني أبي. آمين.

السبت ١٦ /٩/٢٠٢٣           الأسبوع ٢٣ من السنة/أ