الإيمان الذي يحفظ من الشكوك والعثرات - لوقا ١٧: ١-٦
الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا
"وَإِذَا خَطِئَ إلَيكَ أَخُوكَ سَبعَ مَرَّاتٍ فِي اليَومِ، وَرَجَعَ إلَيكَ سَبعَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: أَنَا تَائِبٌ، فَاغفِرْ لَهُ" (٤) قال الرسل ليسوع: "زِدْنَا إيمـَانًا. فَقَالَ الرَّبُّ: إِذَا كَانَ لَكُم إِيمـَانٌ بِمـِقدَارِ حَبَّةِ خَردَلٍ، قُلتُمْ لِهَذِهِ التُّوتَةِ: انقَلِعِي وَانغَرِسِي فِي البَحرِ، فَأَطَاعَتْكُم" (٥-٦).
١. وقال لتلاميذه: لا محالة من وجود أسباب العثرات ولكن الويل لمن تأتي عن يده.
٢. فلأن تُعَلَّقَ الرحى في عنقه ويُلقَى في البحر أولى به من أن يكون حجر عثرة لأحد هؤلاء الصغار.
٣. فخذوا الحذر لأنفسكم.
٤. وإذا خطئ إليك سبع مرات في اليوم، ورجع إليك سبع مرات فقال: أنا تائب، فاغفر له.
٥. وقال الرسل للرب: زدنا إيمانا.
٦. فقال الرب: إذا كان لكم إيمان بمقدار حبة خردل، قلتم لهذه التوتة: انقلعي وانغرسي في البحر، فأطاعتكم.
الحرب. اليوم ٣٧.
يا رب، ارحمنا. قلت لنا: سيضطهدونكم. وستواجهون الشدائد. لا تخافوا. إن الروح يلهمكم ماذا تقولون وماذا تعملون. اللهم، أرسل إلينا روحك، أرسله إلى أهل غزة، تحت القصف الدائم. أرسل روحك إلى كل ضحايا هذه الحرب، على جانبي الصراع. أرسل روحك، يا رب، إلى الأنقاض البشرية في هذه الحرب، لتسترد الحياة وتتوقف عن أن تكون آلة موت، وتصير بشرًا من جديد. خلِّصْنا جميعًا، يا رب. اللهم، نحن خائفون، وهم مرتعبون. أرسل إلينا روحك نحن الذين ننظر من بعيد، عاجزين، حتى نعرف أي موقف نقف أمامك؟ وأرسل إليهم روحك، إنهم أشد حاجة منا إليك. أطفال، وأولاد، وكبار، ورجال ونساء... رجال ونساء على صورتك ومثالك، يا رب. لا تتركهم وحدهم. تطلع من السماء وارحم.
إنجيل اليوم.
"قَالَ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ: لَا بُدَّ مِن وُجُودِ أَسبَابِ العَثَرَاتِ، وَلَكِن الوَيلُ لِمَن تَأتِي عَن يَدِهِ" (١).
" لَا بُدَّ مِن وُجُودِ العَثَرَاتِ". مهما صنعنا، سيكون شرٌّ في العالم، سيكون واحد ينوي الشر، سيكون كبيرًا أو صغيرًا، قد نكون نحن. الشر هو غياب الحب، هو غياب الله. هو كل مخالفة لمحبة القريب. الشر هو ظلم إنسان لإنسان. الشر هو حرب. الشر يمكن أن يكون في رتابة حياتنا اليومية... يسوع يتكلم على الشر الذي هو تشكيك الصغار والأبرياء، وحملهم على عمل الشر. ويقول: الويل لمن يشكك أحد هؤلاء الصغار. "لَأَنْ تُعَلَّقَ الرَّحَى فِي عُنُقِهِ وَيُلقَى فِي البَحرِ أَولَى بِهِ مِن أَن يَكُونَ حَجَرَ عَثرَةٍ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الصِّغَارِ (٢).
"فَخُذُوا الحَذَرَ لِأَنفُسِكُم" (٣). لا تكونوا من هؤلاء الذين يشككون الصغار والأبرياء، بمثلكم أو قولكم. اعملوا الخير. وكونوا مثالًا لعمل الخير، لصنع السلام، لمساعدة كل واحد لأن يعرف نفسه، وكرامته أنه ابن الله.
"وَإِذَا خَطِئَ إلَيكَ أَخُوكَ سَبعَ مَرَّاتٍ فِي اليَومِ، وَرَجَعَ إلَيكَ سَبعَ مَرَّاتٍ فَقَالَ: أَنَا تَائِبٌ، فَاغفِرْ لَهُ" (٤)
موضوع آخر. المغفرة. العلاقات بين الأخ وأخيه في حالة إساءة أحدهما إلى الآخر. إن أساء إليك أخوك فوبِّخْه، ثم اغفر له. لا تبقَ غيرَ مبالٍ أمام الإساءة إليك أو إلى غيرك. وبِّخْ أخاك حتى يعود إلى رشده، وإن تاب وأصلح نفسه، وأصلح إساءته، فاغفر له. وإن أصرَّ وبقي في إساءته، فهو الذي يرفض المغفرة لنفسه. أنت اغفِر، والله وحده يدين ويحاسب.
قال الرسل ليسوع: "زِدْنَا إيمـَانًا. فَقَالَ الرَّبُّ: إِذَا كَانَ لَكُم إِيمـَانٌ بِمـِقدَارِ حَبَّةِ خَردَلٍ، قُلتُمْ لِهَذِهِ التُّوتَةِ: انقَلِعِي وَانغَرِسِي فِي البَحرِ، فَأَطَاعَتْكُم" (٥-٦).
الإيمان الذي يحفظ من الشكوك والعثرات. والإيمان الذي يغفر، والإيمان الذي يجرؤ على التوبيخ لمن أساء، حتى لكبار هذا العالم إن أساؤوا بحروبهم.... الإيمان الذي يحفظ المؤمن في نور الله وفي قدرة محبة الله. قال يسوع: إيمان بمقدار "حبة الخردل" يصنع المعجزات. الإيمان الصادق، الثقة الكاملة بالله، لأن الله هو الذي يعمل، الإيمان الذي يُحِلُّ الله محلي، فيعمل هو، وأنا أتلاشى أمامه. هو وحده يعمل، فيقدر أن يعمل كل شيء. ويعطي للمؤمن أن يعمل كل شيء من أجل الخير.
ربي يسوع المسيح، إنا نؤمن، زدْنا إيمانًا. أعطِنا أن نعرف كيف نتصرَّف كمؤمنين صادقين، بلا ضعف، ولا خوف، في زمن السلام وفي زمن الحرب. آمين.
الاثنين ١٣/١١/ ٢٠٢٣ بعد الأحد ٣٢ من السنة/أ