ليكونوا كلهم واحدًا - يوحنا ١٧: ٢٠-٢٦

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"لَا أَدعُو لَهُم وَحدَهُم، بَل أَدعُو أيضًا لِلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِي عَن كَلَامِهِم" (٢٠). "فَلْيَكُونُوا بِأَجمَعِهِم وَاحِدًا: كَمَا أَنَّكَ فِيَّ، يَا أَبَتِ، وَأَنَا فِيكَ، فَلْيَكُونُوا هُم أَيضًا فِينَا، لِيُؤمِنَ العَالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلْتَنِي" (٢١)."عَرَّفْتُهُم بِاسمِكَ، وَسَأُعَرِّفُهُم بِهِ، لِتَكُونَ فِيهِم المـَحَبَّةُ الَّتِي أَحبَبْتَنِي إيَّاهَا، وَأَكُونَ أنَا فِيهِم" (٢٦).

ليكونوا كلهم واحدًا - يوحنا ١٧: ٢٠-٢٦

 

٢٠. لا أدعو لهم وحدهم بل أدعو أيضا للذين يؤمنون بي عن كلامهم. 

٢١. فليكونوا بأجمعهم واحدا: كما أنك فيَّ، يا أبتِ، وأنا فيك فليكونوا هم أيضًا فينا، ليؤمن العالم بأنك أنت أرسلتني.

٢٢. وأنا وهَبْتُ لهم ما وهِبْتَ لي من المجد ليكونوا واحدًا كما نحن واحد: 

٢٣. أنا فيهم وأنت فيَّ، ليبلغوا كمال الوحدة، ويعرف العالم أنك أنت أرسِلْتَني، وأنك أحبَبْتَهم كما أحبَبْتَني. 

٢٤. يا أبتِ، إن الذين وهَبْتَهم لي، أريد أن يكونوا معي حيث أكون، فيعاينوا ما وهَبْتَ لي من المجد، لأنك أحبَبْتَني قبل إنشاء العالم. 

٢٥. يا أبتِ البارّ، إن العالم لم يَعرِفْكَ، أمَّا أنا فقد عرَفْتُك، وعرف هؤلاء أنك أنت أرسَلْتَني. 

٢٦. عَرَّفْتُهم باسمِك وسأُعَرِّفُهم به، لتكون فيهم المحبة التي أحبَبْتَني إياها، وأكونَ أنا فيهم.

 

"لَا أَدعُو لَهُم وَحدَهُم، بَل أَدعُو أيضًا لِلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِي عَن كَلَامِهِم" (٢٠).

يسوع يصلِّي من أجلنا. يصلِّي إلى الآب، لكل الذين يؤمنون، وكل الذين يَوَّدُّون أن يؤمنوا لو عرفوا. ونحن آمنَّا. ونصلِّي نحن أيضًا إلى الآب. نقف في حضرته، ونصلِّي من أجل أنفسنا، ومن أجل كل الذين نعيش معهم، وللإنسانية كلها.

نحن من الإنسانية، المؤمنة وغير المؤمنة. كلنا خليقة الله وأبناؤه. لا حدود ولا حواجز في صلاتنا. لا حواجز دينية، أمام الله. في هذه الأرض المقدسة، الاختلافات الدينية كثيرة، بين الديانات، وبين مختلف الجماعات المسيحية، وكلنا أبناء الله وبناته. إذن كلنا إخوة وأخوات. كما صلَّى يسوع، نصلِّي، لكل أبناء الله، لكل إخوتنا وأخواتنا.

"فَلْيَكُونُوا بِأَجمَعِهِم وَاحِدًا: كَمَا أَنَّكَ فِيَّ، يَا أَبَتِ، وَأَنَا فِيكَ، فَلْيَكُونُوا هُم أَيضًا فِينَا، لِيُؤمِنَ العَالَمُ بِأَنَّكَ أَنتَ أَرسَلْتَنِي" (٢١).

ليكونوا كلهم واحدًا. مثل الله خالقنا وأبينا. كلهم واحد، كل شعوب الأرض، واحد، في محبة الله وعبادته، لأنه أبونا جميعًا.

والواقع أننا بعيدون عن هذا المثال السامي. لكننا إلى هذا المثال مدعُوُّون، إلى أن نعرف أنَّ لنا أبًا واحدًا، وأننا كلنا إخوة. كلنا واحد كما أن الله واحد. وكلنا واحد في الله. "فَلْيَكُونُوا هُم أَيضًا واحدًا فِينَا". واحدٌ في الله. نحن على الأرض، حيث أرسَلَنا الله، لنحرسها، ونحفظها كما خلقها صالحة بمثل صلاحه. على الأرض، وفي صلاح الله أيضًا. لأننا، وحدنا، بعيدين عن الله، لا نعرف إلا أن نتشتَّتَ، لا نعرف إلا أن نصير مثل قايين... وحدَنا نحن غير قادرين. في الله نحن قادرون، أن نُحِبّ وأن نصير واحدًا، كما أن الله واحد. قادرون أن نكون كما خلقنا الله، على صورته، أحياءً بحياته، ومُحِبِّين بمثل حبِّه.

ليكونوا واحدًا فينا. الجنس البشري كله. وأيضًا الكنيسة أو الكنائس. واحد كما أن الله واحد. كما أن يسوع واحد مع الآب. نحن، كل الكنائس واحد في الله. واحد في حبِّ الله للجميع. وُلِدْنا في كنائس، منفصلة، منقسمة، وفي نفوسنا انفصال، وكلنا جسد المسيح الواحد.

أمور كثيرة من الأرض دخلت في إيماننا بيسوع المسيح، الرب الوحيد ومخلص العالم. بالرغم من كل العوائق، كلنا، كل المسيحيين مدعُوُّون إلى أن نكون واحدًا، كما أن الله واحد. وطريق الوحدة هي محبة الله، التي تَلِدُ محبَّةَ جميع المؤمنين، والمحبة على مثال محبة الله، تطهِّر النفس، وتزيل الانفصال من القلوب، وتقود إلى الحقيقة والوحدة. وكل واحد مسؤول، ليصلِّي، وليُزيلَ في نفسه كل ما يفصله عن إخوته، مشاعر أو قول أو عمل، كل واحد يُثَبِّتُ نفسه في صلاة يسوع، وفي محبته. هكذا تسير بنا صلاة يسوع إلى الوحدة.

"عَرَّفْتُهُم بِاسمِكَ، وَسَأُعَرِّفُهُم بِهِ، لِتَكُونَ فِيهِم المـَحَبَّةُ الَّتِي أَحبَبْتَنِي إيَّاهَا، وَأَكُونَ أنَا فِيهِم" (٢٦).

ربِّي يسوع المسيح، صلَّيْتَ من أجلنا لنكون واحدًا، حتى يكون فينا الحبُّ الذي به أنت تُحِبُّ الآب. أعطِنا أن يكون حُبُّنا مثل حُبِّ الآب لنا جميعًا. آمين.

الخميس ٢٥/٥/٢٠٢١            بعد الأحد السابع في زمن الفصح