بعد الأحد الثالث في زمن الصيام - زمن المغفرة - متى ١٨: ٢١-٣٥

الكاتب : البطريرك ميشيل صباح – بطريرك القدس للاتين سابقا

"فَدَنَا بُطرُس وَقَالَ لَهُ: يَا رَبّ، كَم مَرَّةً يَخطَأُ إلَيَّ أخِي وَأغفِرَ لَهُ؟ أَسَبعَ مَرَّاتٍ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوع: لَا أَقُولُ لَكَ: سَبعَ مَرَّاتٍ، بَل سَبعِينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّاتٍ" (٢١-٢٢). زمن الصوم زمن المغفرة أيضًا. التوبة إلى الله، تتم بالمصالحة مع أخي. زمن الصوم زمن لتصفية جميع الخصومات

بعد الأحد الثالث في زمن الصيام - زمن المغفرة - متى ١٨: ٢١-٣٥

 

٢١.  فدنا بطرس وقال له: يا رب، كم مرة يخطأ إليَّ أخي وأغفر له؟ أسبع مرات؟ 

٢٢. فقال له يسوع: لا أقول لك: سبع مرات، بل سبعين مرة سبع مرات. 

٢٤. لذلك مثل ملكوت السموات كمثل ملك أراد أن يحاسب خدمه. 

٢٤. فلما شرع في محاسبتهم، أتى بواحد منهم عليه عشرة آلاف وزنة. 

٢٥. ولم يكن عنده ما يؤدي به دَيْنَه، فأمر مولاه أن يباع هو وامرأته وأولاده وجميع ما يملك ليؤدِّيَ دينه. 

٢٦. فجثا له الخادم ساجدًا وقال: أمهلني أؤَدِّ لك كل شيء. 

٢٧. فأشفق مولى ذلك الخادم وأطلقه وأعفاه من الدين. 

٢٨. ولما خرج ذلك الخادم لقي خادمًا من أصحابه مَدِينًا له بمائة دينار. فأخذ بعنقه يخنقه وهو يقول له: أدِّ ما عليك. 

٢٩. فجثا صاحبه يتوسل إليه فيقول: أمهِلْني أؤَدِّه لك. 

٣٠. فلم يرضَ، بل ذهب به وألقاه في السجن إلى أن يؤدِّيَ دَيْنه. 

٣١. وشهد أصحابه ما جرى فاغتموا كثيرًا، فمضوا وأخبروا مولاهم بكل ما جرى. 

٣٢. فدعاه مولاه وقال له: أيها الخادم الشرير، ذاك الدَّيْن كله أعفيتك منه، لأنك سألتني. 

٣٣. أفما كان يجب عليك أنت أيضًا أن ترحم صاحبك كما رحِمْتُك أنا؟ 

٣٤. وغضب مولاه فدفعه إلى الجلادين، حتى يؤدِّيَ له كل دَيْنه. 

٣٥. فهكذا يفعل بكم أبي السماوي، إن لم يغفر كل واحد منكم لأخيه من صميم قلبه.

 

"فَدَنَا بُطرُس وَقَالَ لَهُ: يَا رَبّ، كَم مَرَّةً يَخطَأُ إلَيَّ أخِي وَأغفِرَ لَهُ؟ أَسَبعَ مَرَّاتٍ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوع: لَا أَقُولُ لَكَ: سَبعَ مَرَّاتٍ، بَل سَبعِينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّاتٍ" (٢١-٢٢). 

        زمن الصوم زمن المغفرة أيضًا. التوبة إلى الله، تتم بالمصالحة مع أخي. زمن الصوم زمن لتصفية جميع الخصومات. حالات الخصومة التي يعيش فيها البعض سنوات أحيانًا. ليس هذا قانون الإنسان. الإنسان أخ لأخيه. قانون الإخوة هو المحبة. ومن ثم إن حصلت إساءة، تليها مغفرة. هذا زمن لتصفية القلوب. للمثول أمام الله معًا، إخوةً، وأبناء.

        سأل بطرس: كم مرة أغفر؟ وقال له يسوع: دائمًا، كلما عاد وأخطأ إليك أخوك، اغفر له. هذا هو قانون الله: المغفرة دئمًا. الاستعداد للمصالحة دائمًا. لأن مخاصمة الأخ، هي مخاصمة الله خالقي وخالق أخي وأبينا. الله يغفر لنا، ونحن نقتدي بالله، نسعى لنكون كاملين كما أن أبانا السماوي كامل. نقتدي به، فنغفر لإخوتنا كما يغفر هو لنا.

   "فَهَكَذَا يَفعَلُ بِكُم أَبِي السَّمَاوِي، إن لَم يَغفِر كُلُّ وَاحِدٍ مِنكُم لِأَخِيهِ مِن صَمِيمِ قَلبِهِ" (.٣٥). المغفرة لأخينا هي مغفرة لأنفسنا، هي تجنب لعنة الله علينا. وهذا أمر خطير.

        هناك حالات صعبة، نستصعب فيها أن نغفر. الشر كبير. الإساءة كبيرة. في الحياة. في المال... لا شيء أكبر من إهانة الله. ولا شيء أكبر وأخطر من البعد عن رضى الله. صنعنا الله قادرين على المحبة، على المغفرة: فلنغفر مثل الله. إن لزم التعويض لِمَا حَرَمَنا إياه أخونا، يُفرَض عليه التعويض، نلجأ إلى القوانين، وتبقى المغفرة ورضى الله هي حقيقة حياتنا.

        وإن كانت الحالة حربًا واعتداء شعب على شعب. مَن المكلَّف بالمغفرة؟ ونحن في هذه الحالة. وحالتنا طالت عشرات السنين. نولد ونموت فيها. كيف تكون المغفرة في هذه الحالة؟

أضع كل شيء أمام رحمته تعالى، وأقول: يا رب انظر وارحم. إنَّا نموت كل يوم، ونتعرض للعذاب كل يوم. بيِّن لنا كيف نتصرَّف. كيف ندافع عن حياة وحرية وحقوق أنت منحتنا إياها. لا تريد أن نخسر أنفسنا أيضًا في الحرب، ولا نريد أن نخسر رضاك. نطلب إليك أن تغفر لنا. أنت أبونا، علِّمْنا البقاء في رضاك، والوقوف في الحق، في حروب الناس.

 المغفرة في حالة الحرب التي نحن فيها، هي صلاة إليك، أبت، هي ابتهال من أجل نهاية حالة الشر هذه، هي ابتهال حتى أقدر أن أكون أمامك، وأنا في الوقت نفسه أطالب بحريتي وأدافع عنها مُخضَعًا للموت بقوة الناس. أبت، اجعل قلبي قلب إنسان، كما خلقتني أنت، يحبك ويغفر، ويحافظ ويطالب بكل ما أعطيتني أنت، وأعمل ما يلزم أن أعمل حتى أحافظ على ما أعطيتني.

        ربي يسوع المسيح، قلت لنا أن نغفر دائمًا، ألَّا نحفظ ضغينة في نفسنا، ولا ننام وفي نفسنا مخاصمة مع أخينا. اللهم، أعطني أن أغفر. وفي حالة الحرب التي نحن فيها، أعطِ كل واحد فينا أن يعمل واجبه ليستردَّ ما منَحْتَه أنت إياه، وما يجب أن يسترده. اللهم ارحمنا جميعًا وأبقنا في نورك وحبك. آمين.                 

الثلاثاء ١٤/٣/٢٠٢٣